الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كبر ، ولا يدخل النّار من كان في قلبه مثقال ذرّة من إيمان ، فقال رجل : يا رسول الله ـ صلّى الله عليك ـ إنّ الرّجل يحبّ أن يكون ثوبه حسنا ، قالصلىاللهعليهوسلم : إنّ الله ـ تعالى ـ جميل يحبّ الجمال ، الكبر : بطر الحقّ ، وغمط الباطل» (١).
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٤) لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٢٥) قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٢٦) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ (٢٧) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩) وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ (٣١) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٣٢)
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) الآيات.
لمّا قرر دلائل التوحيد ، وأبطل مذاهب عبدة الأصنام ، ذكر بعد ذلك شبهات منكري النبوة مع الجواب عنها.
فالشبهة الأولى : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما احتجّ على صحة بعثته بكون القرآن معجزة ؛ طعنوا فيه ، وقالوا : إنه أساطير الأولين ، واختلفوا في هذا القول.
فقيل : هو كلام بعضهم لبعض.
وقيل : قول المسلمين لهم.
وقيل : قول المقتسمين الذين اقتسموا [مكّة](٢) ومداخل مكة ؛ ينفّرون عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم إذا سألهم وفود الحاجّ عمّا أنزل الله على رسوله.
قوله : «ماذا» تقدم الكلام عليها أول البقرة.
وقال الزمخشريّ : «أو مرفوع بالابتداء ، بمعنى أي شيء أنزله ربّكم».
__________________
(١) أخرجه مسلم (١ / ١٩٣) كتاب الإيمان : باب تحريم الكبر وبيانه (١٤٧ / ٩١) وأبو عوانة (١ / ٣١) والبغوي في «شرح السنة (٦ / ٥٣٥).
(٢) زيادة من : ب.