سورة الكهف
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الكهف قال ابن عباس مكية غير أربعين آية منها ، وهي مائة وعشر آيات ، وألف وخمسمائة وسبع وسبعون كلمة ، وعدد حروفها ستة آلاف وثلاثمائة وستون حرفا.
قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً)(٣)
قال ابن الخطيب (١) : تقدم الكلام في الحمد ، والذي أقوله ها هنا : إن التسبيح أينما جاء فإنما جاء مقدما على التحميد ؛ ألا ترى أنه يقال : «سبحان الله والحمد لله».
وإذا عرف هذا ، فنقول : إنه تعالى ـ جلّ جلاله ـ ذكر التسبيح عندما أخبر أنّه أسرى بمحمد صلىاللهعليهوسلم فقال : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) [الإسراء : ١] وذكر التحميد عندما ذكر إنزال الكتاب عليه فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ).
ثم قال (٢) : والمشبهة استدلوا بلفظ الإسراء في السورة المتقدمة وبلفظ الإنزال في هذه السورة على أنه تعالى مختص بجهة فوق.
والجواب عنه مذكور في سورة الأعراف في تفسير قوله (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف : ٥٤].
واعلم : أنه تعالى أثنى على نفسه بإنعامه على خلقه ، وخصّ رسوله صلىاللهعليهوسلم بالذكر ؛ لأنّ إنزال الكتاب القرآن عليه كان نعمة عليه على الخصوص وعلى سائر الناس على العموم.
أما كونه نعمة عليه ؛ فلأنه تعالى أطلعه بواسطة هذا الكتاب الكريم على أسرار علم التّوحيد والتّنزيه وصفات الجلال وأحوال الملائكة وأحوال الأنبياء وأحوال القضاء والقدر ، وتعلّق أحوال العالم السفليّ بأحوال العالم العلوي ، وتعلق أحوال عالم الآخرة بعالم الدنيا ، وكيفية نزول القضاء من عالم الغيب ، وذلك من أعظم النّعم ، وأمّا كونه
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ٦٢.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ٦٣.