عند الجمهور ؛ لدلالة قوله : «فلعلّك» ، وعند غيرهم هو جواب متقدّم ، وقرىء (١) : «أن لم» بالفتح ؛ على حذف الجارّ ، أي : لأن لم يؤمنوا.
وقرىء (٢) «باخع نفسك» بالإضافة ، والأصل النصب ، وقال الزمخشريّ (٣) : «وقرىء «باخع نفسك» على الأصل ، وعلى الإضافة. أي : قاتلها ومهلكها ، وهو للاستقبال فيمن قرأ (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا) ، وللمضيّ فيمن قرأ (إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا) بمعنى : لأن لم تؤمنوا» يعني أنّ باخعا للاستقبال في قراءة كسر «إن» فإنها شرطية ، وللمضيّ في قراءة فتحها ، وذلك لا يأتي إلا في قراءة الإضافة ؛ إذ لا يتصوّر المضيّ مع النصب عند البصريين ، وعلى هذا يلزم ألّا يقرأ بالفتح ، إلا من قرأ بإضافة «باخع» ، ويحتاج في ذلك إلى نقل وتوقيف.
قوله : «أسفا» يجوز أن يكون مفعولا من أجله ، والعامل فيه «باخع» وأن يكون مصدرا في موضع الحال من الضمير في «باخع».
والأسف : الحزن ، وقيل : الغضب ، وقد تقدّم في الأعراف عند قوله : (غَضْبانَ أَسِفاً) [الأعراف : ١٥٠] وفي يوسف عند قوله : (يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ) [يوسف : ٨٤].
قوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً)(٨)
قوله : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها) الآية.
قال القاضي (٤) : وجه النّظم كأنه يقول : يا محمد ، إنّي خلقت الأرض ، وزينتها ، وأخرجت منها أنواع المنافع والمصالح ، وأيضا ، فالمقصود من خلقها بما فيها من المصالح ابتلاء الخلق بهذه التكاليف ، ثم إنّهم يكفرون ويتمرّدون ، ومع ذلك ، فلا أقطع عنهم موادّ هذه النّعم ، فأنت أيضا يا محمد لا يهمّك الحزن ؛ بسبب كفرهم إلى أن تترك الاشتغال بدعوتهم إلى الدّين.
قوله : (زِينَةً) : يجوز أن ينتصب على المفعول له ، وأن ينتصب على الحال ، إن جعلت «جعلنا» بمعنى «خلقنا» ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا ، إن كانت «جعل» تصييرية ، و«لها» متعلق ب «زينة» على العلّة ، ويجوز أن تكون اللام زائدة في المفعول ، ويجوز أن تتعلق بمحذوف صفة ل «زينة».
وقوله : «لنبلوهم» متعلق ب «جعلنا» بمعنييه.
__________________
(١) ذكره الفراء للأعشى عن أبي بكر عن عاصم ينظر : الشواذ ص ٨١.
(٢) نسبها في الشواذ ٨٢ ، إلى قتادة ، ينظر : البحر ٦ / ٩٦ ، والدر المصون ٤ / ٤٣٤.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٧٠٤.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ٦٨.