الرابع : بمعنى الفضيحة قال تعالى : (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) [آل عمران : ١٩٢] أي فضحته ، ومثله : (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) [الشعراء : ٨٧] ومثله : (وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) [هود : ٧٨] ومثله : (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ) [المائدة : ٣٣].
قوله : (أَيْنَ شُرَكائِيَ) مبتدأ وخبر ، والعامة على «شركائي» ممدودا ، مهموزا ، مفتوح الياء ، وفرقة كذلك تسكنها (١) فتسقط وصلا ؛ لالتقاء الساكنين ، وقرأ البزي (٢) ـ بخلاف عنه ـ بقصره مفتوح الياء ، وقد أنكر جماعة هذه القراءة ، وزعموا أنها غير (٣) مأخوذ بها ؛ لأنّ قصر الممدود لا يجوز إلّا ضرورة.
وتعجب أبو شامة من أبي عمرو الدانيّ ، حيث ذكرها في كتابه ؛ مع ضعفها ، وترك قراءات شهيرة واضحة.
قال شهاب الدّين (٤) : «وقد روى ابن كثير ـ أيضا ـ قصر التي في القصص ، وروي عنه ـ أيضا ـ قصر «ورائي» في مريم ، وروي عنه أيضا قصر : (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) في سورة العلق ، فقد روى عنه قصر بعض الممدودات ، فلا يبعد رواية ذلك هنا عنه».
وبالجملة : قصر الممدود ضعيف ؛ ذكره غير واحد ؛ لكن لا يصل به إلى حدّ الضرورة.
قوله : «تشاقّون» قرأ نافع (٥) : بكسر النون خفيفة ، والأصل : تشاقّونّي فحذفها مجتزئا عنها بالكسرة.
والباقون : بفتحها ، خفيفة ، ومفعوله محذوف ، أي : تشاقّون المؤمنين ، أو تشاقّون الله ؛ بدليل القراءة الأولى.
وضعّف أبو حاتم هذه القراءة ؛ أعني : قراءة نافع ، وقرأت فرقة (٦) : بتشديدها مكسورة ، والأصل : تشاقّونني ؛ فأدغم ، وقد تقدم تفصيل ذلك في : (أَتُحاجُّونِّي) [الأنعام : ٨٠] و (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) [الحجر : ٥٤] وسيأتي في قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي) [الزمر : ٦٤].
فصل
قال الزجاج : قوله (أَيْنَ شُرَكائِيَ) ، أي : في زعمكم ، واعتقادكم ، ونظيره : (أَيْنَ
__________________
(١) ينظر : السبعة ٣٧١ ، والإتحاف ٢ / ١٨٢ ، والتيسير ١٣٧ ، والنشر ٢ / ٣٠٣ ، والبحر ٥ / ٤٧١ ، والدر ٤ / ٣٢٢.
(٢) ينظر : الإتحاف ٢ / ١٨٢ ، والنشر ٢ / ٣٠٣ ، والحجة لأبي على الفارسي ٥ / ٦٠ ، والقرطبي ١٠ / ٦٦ ، والبحر ٥ / ٤٧١ ، والدر المصون ٤ / ٣٢٢.
(٣) سقط من ب.
(٤) ينظر : الدر المصون ٤ / ٣٢٢.
(٥) ينظر : السبعة ٣٧١ ، والإتحاف ٢ / ١٨٣ ، والتيسير ١٣٧ ، والنشر ٢ / ٣٠٣ ، والبحر ٥ / ٤٧١ ، والدر المصون ٤ / ٣٢٢.
(٦) ينظر : البحر ٥ / ٤٧١ ، والدر المصون ٤ / ٣٢٢.