خلف ، (وَاتَّبَعَ هَواهُ) في طلب الشّهوات (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) قال قتادة ومجاهد : ضياعا (١).
وقيل : ندما ، وقال مقاتل : سرفا.
وقال الفراء : متروكا.
وقيل : باطلا.
وقال الأخفش : مجاوزا للحدّ.
قوله : (أَغْفَلْنا قَلْبَهُ) العامة على إسناد الفعل ل «نا» و«قلبه» مفعول به.
وقرأ عمرو (٢) بن عبيد ، وعمرو بن فائد ، وموسى الأسواري بفتح اللام ، ورفع «قلبه» أسندوا الإغفال إلى القلب ، وفيه أوجه ، قال ابن جنّي : من ظنّنا غافلين عنه. وقال الزمخشريّ : «من حسبنا قلبه غافلين ، من أغفلته ، إذا وجدته غافلا». وقال أبو البقاء (٣) : فيه وجهان :
أحدهما : وجدنا قلبه معرضين عنه.
والثاني : أهمل أمرنا عن تذكّرنا.
قوله : «فرطا» يحتمل أن يكون وصفا على «فعل» كقولهم : «فرس فرط» ، أي : متقدّم على الخيل ، وكذلك هذا ، أي : متقدّما للحقّ ، وأن يكون مصدرا بمعنى التفريط ، أو الإفراط ، قال ابن عطيّة : الفرط : يحتمل أن يكون بمعنى التفريط والتّضييع ، أي : أمره الذي يجب أن يلزم ، ويحتمل أن يكون بمعنى الإفراط والإسراف.
قال الليث : الفرط : الأمر الذي يفرط فيه ، يقال : كلّ أمر فلان فرط ، وأنشد : [الهزج]
٣٥١١ ب ـ لقد كلّفتني شططا |
|
وأمرا خائبا فرطا (٤) |
فصل
دلّت هذه الآية على أنّه تعالى هو الذي يخلق الجهل والغفلة في قلوب الجهّال.
قالت المعتزلة (٥) : المراد بقوله : (أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) : وجدنا قلبه غافلا ، وليس المراد منه : خلق الغفلة.
ويدلّ عليه ما روي عن عمرو بن معدي كرب الزبيديّ أنّه قال لبني سليم : «قاتلناكم فما أجبناكم ، وسألناكم فما أبخلناكم ، وهجرناكم فما أفحمناكم» أي ما وجدناكم جبناء ، ولا بخلاء ، ولا مفحمين.
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٥٩).
(٢) ينظر : المحتسب ٢ / ٢٨ ، البحر ٦ / ١١٤ ، والدر ٤ / ٤٥٠.
(٣) ينظر : الإملاء ٢ / ١٠١.
(٤) ينظر : الرازي ٢١ / ١٠٠.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ٩٩.