٣٥١٦ ـ إنّي أرقت فبتّ اللّيل مرتفقا |
|
كأنّ عينيّ فيها الصّاب مذبوح (١) |
فهو يعني من باب التّهكّم.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠) أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً)(٣١)
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الآية.
لما ذكر وعيد المبطلين ، أردفه بوعد المحقّين ، وهذه الآية تدل على أنّ العمل الصالح مغاير للإيمان ؛ لأنّ العطف يوجب المغايرة.
قوله : (إِنَّا لا نُضِيعُ) : يجوز أن يكون خبر (إِنَّ الَّذِينَ) والرابط : إمّا تكرر الظاهر بمعناه ، وهو قول الأخفش (٢) ، ومثله في الصلة جائز ، ويجوز أن يكون الرابط محذوفا ، أي : منهم ، ويجوز أن يكون الرابط العموم ، ويجوز أن يكون الخبر قوله : (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ) ويكون قوله : (إِنَّا لا نُضِيعُ) اعتراضا ، قال ابن عطية : ونحوه في الاعتراض قوله : [البسيط]
٣٥١٧ ـ أنّ الخليفة إنّ الله ألبسه |
|
سربال ملك به تزجى الخواتيم (٣) |
قال أبو حيّان : ولا يتعيّن أن يكو ن «إنّ الله ألبسه» اعتراضا ؛ لجواز أن يكون خبرا عن «إنّ الخليفة». قال شهاب الدين : وابن عطيّة لم يجعل ذلك معيّنا بل ذكر أحد الجائزين فيه ، ويجوز أن تكون الجملتان ـ أعني قوله (إِنَّا لا نُضِيعُ) وقوله (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ) ـ خبرين ل «إنّ» عند من يرى جواز تعدد الخبر ، وإن لم يكونا في معنى خبر واحد.
وقرأ (٤) الثقفيّ «لا نضيّع» بالتشديد ، عدّاه بالتشديد ، كما عدّاه الجمهور بالهمزة.
وقيل : ولك أن تجعل «أولئك» كلاما مستأنفا بيانا للأجر المبهم.
فصل
قال ابن الخطيب (٥) : قوله : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) ظاهره يقتضي أنّه
__________________
(١) البيت لأبي ذؤيب الهذلي ، ينظر : ديوان الهذليين ١ / ١١٤ ، شرح المفصل لابن يعيش ١٠ / ١٢٤ ، شواهد المغني ٧٢ ، الطبري ١٥ / ١٥٩ ، القرطبي ١٠ / ٢٥٧ ، روح المعاني ١٥ / ٢٦٩ ، الدر المصون ٤ / ٤٥١.
(٢) ينظر : معاني القرآن للأخفش ٣٩٦.
(٣) البيت لجرير ينظر : تأويل المشكل ٢٥١ ، أمالي الزجاجي ٤٢ ، معاني الفراء ٢ / ١٤٠ ، الدر المصون ٤ / ٤٥٢.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٦ / ١١٦ ، الدر المصون ٤ / ٤٥٢.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ١٠٣.