البيت ؛ لجواز أن يكون حذف اسم «لكنّ» [وحذفه] لدليل كثير ، وعليه قوله :
٣٥٣١ ـ فلو كنت ضبيّا عرفت قرابتي |
|
ولكنّ زنجيّ عظيم المشافر (١) |
أي : ولكنّك ، وكذا هاهنا : ولكنّني إيّاك» قال شهاب الدين : لم يدّع الزمخشري تعين ذلك في البيت ؛ حتّى يردّ عليه بما ذكره.
ويقرب من هذا ما خرّجه البصريّون في بيت استدلّ به الكوفيون عليهم في جواز دخول لام الابتداء في خبر «لكنّ» وهو : [الطويل]
٣٥٣٢ ـ .......... |
|
ولكنّني من حبّها لعميد (٢) |
فأدخل اللام في خبر «لكنّ» وخرّجه البصريون على أن الأصل : «ولكن من حبّها» في قوله : «ولكنّني من حبّها لعميد» ، فأدغم اللام في خبر «لكنّ» ، وجوّزه البصريّون ، وخرّجه طائفة من البصريّين على أنّ الأصل ولكن إنّي من حبّها ، ثم نقل حركة همزة «إنّي» إلى نون «لكن» بعد حذف الهمزة ، وأدغم على ما تقدّم ، فلم تدخل اللام إلا في خبر «إنّ» ، هذا على تقدير تسليم صحة الرواية ، وإلا فقالوا : إنّ البيت مصنوع ، ولا يعرف له قائل.
والاستدراك من قوله «أكفرت» كأنّه قال لأخيه : أنت كافر ؛ لأنّه استفهام تقرير ، لكنّني أنّا مؤمن ؛ نحو قولك : «زيد غائب ، لكنّ عمرا حاضر» لأنه قد يتوهّم غيبة عمرو أيضا.
فصل في المقصود بالشرك في الآية
معنى (وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً).
ذكر القفال فيه وجهين (٣) :
الأول : أنّي لا أرى الفقر والغنى إلّا منه ؛ فأحمده إذا أعطى ، وأصبر ، إذا ابتلى ، ولا أتكبّر عندما ينعم عليّ ، ولا أرى كثرة [المال](٤) ، والأعوان من نفسي ، وذلك لأنّ الكافر ، لمّا [اعتزّ](٥) بكثرة المال والجاه ، فكأنه قد أثبت لله شريكا في إعطاء العزّ والغنى.
الثاني : أنّ هذا الكافر ، لمّا أعجز الله عن البعث والحشر ، فقد جعله مساويا للخلق في هذا العجز ، وإذا أثبت المساواة ، فقد أثبت الشّريك.
__________________
(١) البيت للفرزدق ينظر : ديوانه ٤٨١ ، الكتاب ١ / ٢٨٢ ، المحتسب ٢ / ١٨٢ ، الخزانة ٤ / ٣٧٨ ، ابن يعيش ٨ / ٨١.
(٢) ينظر : ابن يعيش ٨ / ٦٢ ، الهمع ١ / ١٤٠ ، الدرر ١ / ١١٦ ، العين ٢ / ٢٤٧ ، الإنصاف ٢٠٩ ، الخزانة ٤ / ٣٢٣ ، وقال فيها : لا يعرف له قائل ولا تتمة ولا نظير ، والدر المصون ٤ / ٤٥٧.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢١ / ١٠٨.
(٤) في ب : الأموال.
(٥) في ب : اغتر.