وقدره الزمخشري : «ولنعم دار المتّقين دار الآخرة» ويجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر جملة ، من قوله «يدخلونها» ويجوز أن يكون الخبر مضمرا ، تقديره : لهم جنّات عدن ، ودلّ على ذلك قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ).
والعامة على رفع «جنّات» على ما تقدم ، وقرأ زيد (١) بن ثابت ، والسلميّ «جنّات» نصبا على الاشتغال بفعل مضمر ، تقديره : يدخلون جنّات عدن يدخلونها ، وهذا يقوي أن يكون «جنّات» مبتدأ ، و«يدخلونها» الخبر في قراءة العامّة ، وقرأ زيد (٢) بن عليّ : «ولنعمت» بتاء التأنيث ، مرفوعة بالابتداء و«دار» خفض بالإضافة ، فيكون «نعمت» مبتدأ و«جنّات عدن» الخبر. و«يدخلونها» في جميع ذلك نصب على الحال ، إلا إذا جعلناه خبرا ل «جنات» ، وقرأ نافع (٣) في رواية : «يدخلونها» بالياء من تحت ؛ مبنيا للمفعول.
وقرأ أبو عبد الرحمن (٤) : «تدخلونها» بتاء الخطاب مبنيا للفاعل.
قوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) يجوز أن يكون منصوبا على الحال من «جنّات» قاله ابن عطيّة ، وأن يكون في موضع الصفة ل «جنّات» قاله الحوفيّ ، والوجهان مبنيّان على القول في «عدن» هل هي معرفة ؛ لكونه علما ، أو نكرة؟ فقائل الحال : لحظ الأول ، وقائل النّعت: لحظ الثاني.
قوله : (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ) الكلام في هذه الجملة ، كالكلام في الجملة قبلها ، والخبر إمّا «لهم» وإمّا «فيها».
قوله : «كذلك» الكاف في محل نصب على الحال من ضمير المصدر ؛ أو نعتا لمصدر مقدّر ، أو في محل رفع خبر المبتدأ مضمر ، أي : الأمر كذلك و (يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ) مستأنف.
فصل
قال الحسن : دار المتقين هي الدّنيا ؛ لأنّ أهل التّقوى يتزوّدون فيها للآخرة (٥).
وقال أكثر المفسرين : هي الجنّة ، ثم فسرها فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) فقوله (جَنَّاتُ عَدْنٍ) يدلّ على القصور ، والبساتين ، وقوله : «عدن» يدل على الدّوام ، وقوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) يدل على أنه حصل هناك أبنية يرتفعون عليها ، والأنهار جارية من تحتهم ، (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ) من كلّ الخيرات ، (كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ) أي : هذا جزاء التّقوى.
__________________
(١) ينظر : البحر ٥ / ٤٧٤ ، والمحرر ٨ / ٤٠٧ ، والدر المصون ٤ / ٣٢٤.
(٢) ينظر : البحر ٥ / ٤٧٤ ، والدر ٤ / ٣٢٤.
(٣) قرأ بها نافع ينظر : البحر ٥ / ٤٧٤ ، والدر ٤ / ٣٢٤.
(٤) ينظر : السابق نفسه.
(٥) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٣ / ١٨٧) والبغوي في «تفسيره» (٣ / ٦٧).