أحدهما : أن المبتدأ محذوف ، وهو العامل في (جَزاءً الْحُسْنى) التقدير : فله الجزاء جزاء الحسنى.
والثاني : أنه حذف التنوين لالتقاء الساكنين ؛ كقوله : [المتقارب]
٣٥٦٥ ـ ........... |
|
ولا ذاكر الله إلّا قليلا (١) |
ذكره المهدويّ.
والقراءة الثانية رفعه فيها على الابتداء ، والخبر الجار قبله ، و«الحسنى» مضاف إليها ، والمراد بالحسنى الجنّة ، وقيل : الفعلة الحسنى.
وقرأ عبد الله ، وابن أبي إسحاق (٢) «جزاء» مرفوعا منونا على الابتداء ، و«الحسنى» بدلّ ، أو بيان ، أو منصوبة بإضمار «أعني» أو خبر مبتدأ مضمر.
و«يسرا» نعت مصدر محذوف ، أي : قولا ذا يسر ، وقرأ أبو جعفر بضم السين في اليسر حيث ورد.
فصل في اختلاف معنى الآية باختلاف القراءة
قال المفسرون : المعنى على قراءة النصب : فله الحسنى جزاء ؛ كما يقال : لك هذا الثوب هبة.
وعلى قراءة الرفع ، فيه وجهان :
أحدهما : فله الجزاء الحسنى ، والفعلة الحسنى : هي الإيمان ، والعمل الصّالح.
والثاني : فله جزاء المثوبة الحسنى ، وإضافة الموصوف إلى الصّفة مشهورة ؛ كقوله : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) [يوسف : ١٠٩]. و (حَقُّ الْيَقِينِ) [الواقعة : ٩٥].
وقوله : (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) الآية ، أي : لا نأمره بالصّعب الشّاق ، ولكن بالسّهل الميسّر من الزّكاة ، والخراج وغيرهما ، وتقديره : ذا يسر ؛ كقوله : (قَوْلاً مَيْسُوراً) [الإسراء : ٢٨].
قوله : (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ).
أي : سلك طرقا ومنازل (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ) أي : موضع طلوعها (وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً).
قال الحسن وقتادة (٣) : لم يكن بينهم وبين الشمس سترا ، وليس هناك شجر ، ولا
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : القرطبي ١١ / ٣٦ ، والبحر ٦ / ١٥٢ ، والدر المصون ٤ / ٤٨٠.
(٣) ينظر : معالم التنزيل ٣ / ١٧٩.