مَكْظُومٌ) ، والجملة حال ، ويجوز أن يكون : (وَهُوَ كَظِيمٌ) حالا من الضّمير في «ظلّ» أو من «وجهه» أو من الضم ير في : «مسودّا».
وقال أبو البقاء : «فلو قرىء هنا «مسودّ» يعني بالرفع ، لكان مستقيما على أن يجعل اسم «ظل» مضمرا فيها ، والجملة خبرها».
وقال في سورة الزخرف [الآية : ١٧] : «ويقرآن بالرفع على أنه مبتدأ ، وخبر في موضع خبر ظلّ».
قوله : (يَتَوارى) يحتمل أن تكون مستأنفة ، وأن تكون حالا ممّا كانت الأولى حالا منه إلا «وجهه» فإنه لا يليق ذلك به ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في : «كظيم».
قوله (مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ) تعلق هنا جاران بلفظ واحد لاختلاف معناهما فإنّ الأولى للابتداء ، والثانية للعلّة ، أي : من أجل سوء ما بشّر به.
قوله : «أيمسكه» قال أبو البقاء : «في موضع الحال ، تقديره : يتوارى ، أي : متردّدا هل يمسكه أم لا؟».
وهذا خطأ عند النحويين ؛ لأنهم نصوا على أنّ الحال ، لا تقع جملة طلبيّة ، والذي يظهر أن هذه الجملة الاستفهامية معمولة لشيء محذوف هو حال من فاعل «يتوارى» ، ليتم الكلام ، أي : يتوارى ناظرا ، أو متفكّرا : (أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ) على تذكير الضمائر اعتبارا بلفظ «ما».
وقرأ الجحدريّ (١) : أيمسكها ، أم يدسّها مراعاة للأنثى ، أو لمعنى «ما».
وقرىء (٢) : أيمسكه أم يدسّها ، والجحدري ، وعيسى ـ رحمهماالله ـ على «هوان» بزنة فدان ، وفرقة على «هون» وهي قلقة ؛ لأنّ الهون بفتح الهاء : الرّفق ، واللين ، ولا يناسب معناه هنا ، وأمّا الهوان فمعنى «هون» المضموم.
قوله : (عَلى هُونٍ) فيه وجهان :
أحدهما : أنه حال من الفاعل ، وهو مروي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ فإنه قال: أيمسكه (٣) مع [رضاه] بهوان نفسه ، وعلى رغم أنفه.
والثاني : أنه حال من المفعول ، أي : يمسكها ذليلة مهانة.
والدّس : إخفاء الشيء ، وهو هنا عبارة عن الوأد.
فصل
معنى الآية : أنّ وجهه يتغير تغير المغموم ، ويقال لمن لقي مكروها قد اسود وجهه
__________________
(١) القرطبي ١٠ / ٧٨ ، والبحر ٥ / ٤٨٨ ، والدر المصون ٤ / ٣٣٩.
(٢) ينظر : السابق نفسه.
(٣) في أ: رجاءه.