تعالى أنه أوحى إلى النحل وصدق الله (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) (١) ... ، ولقد أخبرنا سبحانه بأنه أسرى بنبيه وعرج به وبالفعل كان ذلك ، والمؤمن لا يسأل كيف ولما ذا ... ، رأى صلىاللهعليهوسلم ما سيحدث من صور العذاب للعصاة ، فهناك من ترضخ رءوسهم بالحجارة وهم الكسالى عن الصلاة المكتوبة ... ، وهناك من يأكلون اللحم النتن وتخرج من فروجهم نارا ومن أدبارهم نارا ، وهم الزناة ... ، ويضاف هذا لعقوبتهم فى الدنيا التى بشرهم بها صلىاللهعليهوسلم وهى الفقر المدقع والمرض المزمن ، والفضيحة بين الناس ... ، وهناك من يسبح فى بحر الدم ويضرب بحجر فى فمه فلا يموت ولا يحيا ، وهو آكل الربا ... ، ولقد رأى صلىاللهعليهوسلم ثقبا صغيرا يخرج منه ثور عظيم ثم يحاول الدخول من هذا الثقب فلا يستطيع ، فكان هذا هو الذى يقول الكلمة من سخط الله ثم يريد أن يرجع فيها فلا يستطيع ... ، لقد رأى صلىاللهعليهوسلم اثنين فقال لهما : ما لى أرى على أسنانكما خضرة اللحم ، فقالوا : ما أكلنا لحما فقال صلىاللهعليهوسلم أ لم تغتابا فلانا ، قالوا أجل ، قال : ذلك لحمه ، ولقد أمر صلىاللهعليهوسلم امرأتين أن يقيئا فكان القيء لحما ودما وكانتا صائمتين (٢) ، وكان السبب أنهما قد وقعتا فى الغيبة ... ، لقد صدق صلىاللهعليهوسلم فى كل ما رأى فهل نفيق من الغفلة ... ، وهل ننتهى عن المعاصى ... ، وهل أدركنا قيمة العلم برسالة النور.
تلك الرسالة التى ملأ نورها كل مكان ... ، فى إحدى المناظرات للشيخ الزندانى اليمنى قال له أحد علماء الغرب هناك قضايا حديثة لا يزال الجدال قائما فيها حيث هناك نظرية تقول بتمدد الكون واتساعه وأخرى تشير إلى انكماشه فى وقت من الأوقات ، فهل القرآن تحدث عن تلك القضايا ، فقال له الشيخ يقول تعالى عن الاتّساع الكونى (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (٣) أى أن الكون فى اتساع مستمر ... ، أما عن انكماش الكون فاقرا ما ورد بآخر سورة الأنبياء ، وكان معه قرآنا مترجما فوجد قوله تعالى (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ
__________________
(١) سورة النساء الآية ٨٧.
(٢) من شرح حديث رواه أحمد وفيه" ... فقال لإحداهما قيئ فقاءت قيحا ودما وصديدا ولحما حتى ملأت نصف القدح .." الترغيب والترهيب ـ الجزء الثالث ص ٥٠٧.
(٣) سورة الذاريات الآية ٤٧.