إعجاز القرآن بلاغة وحسابات
إنّ القرآن الكريم ليس كلاما عاديا ينطق أو مجرد أوامر وتشريعات نلتزم بها ولكنه فى الحقيقة يتميز بشيء غير عادى وهو أنه روح من أمر الله ... ، يقول تعالى (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) (١) لذلك فهو يحتوى معان لا تستطيع أن تحيطها عقول البشر وستظل عطاءاته دائما على مر العصور ، لذلك فإن ترتيبه فى المصحف ونظامه ونهايات آياته سواء بنهاية فردية أو زوجية لها حكمة يعلمها سبحانه حيث إنه لا بدّ أن يظهر إعجاز رياضي وحسابى فى عصر الحسابات الذى نعيشه الآن ، ولقد ظهر بالفعل هذا النوع من الإعجاز ... ، فقد وجد العلماء أن القرآن الكريم يستحيل أن تضاف إليه آية أو سورة أو يحذف منه مثل ذلك أيضا وإلا أختل النسق والترتيب الرياضي والهندسي الذى جعله الله تعالى سرا من أسراره ليحمل الإعجاز المناسب لكل عصر ، كذلك فإن هذا الإعجاز يمتد إلى حروف القرآن ذاتها فكل حرف له مدلول وله حكمة ، وكل كلمة لها حقيقة ومعانى بعيدة ومعجزة ... ، لذلك فإن العالم المادى الذى يحوى المتناقضات كالعقل مثلا فهو يمكن أن يعتريه النسيان ... ، أو النبوغ فى أمر ما واستيعابه ، وعدم النبوغ فى أمر آخر فوق طاقته ... ، وكذلك كل ما يخضع للتجربة فى العالم المادى نجد أنه يحتوى على المتناقضات ، فالطين مثلا يمكن أن يكون فى حالته الطينية ثم تجده فى صورة أخرى كالحمإ المسنون ... ، ثم صلصال كالفخار ، وهكذا ... ، فكل ما يخضع للعالم المادى خاضع للتغير ... ، ولكن كل ما يخضع لعالم الأمر والتشريع الإلهى فهو لا يخضع لأى تناقضات لأنه مستمد من أمر الله وكلماته التى يستحيل عليها التناقض ، لذلك فإن الإنسان الذى يحتوى نفخة من روح الله إذا أخضع فكرة لما يوافق شرع ربه وأمره كانت أنوار الإيمان التى توافق عالم الأمر الإلهى ... ، وأما إذا أخضع الإنسان فكرة لتصورات البشر المادية المحكومة بقوانين عالم الخلق المادى الذى يحوى المتناقضات
__________________
(١) سورة الشورى الآية ٥٢.