يمكن لأحد الطرفين أن يجاوز هذا الحاجز وإلا لما كان حاجزا بينما العمق اللغوى (ج د ر) يصف لنا كيانا يحجز لكن من الممكن تجاوزه ، وذلك يعنى أن الكفر والنفاق بالنسبة للأعراب هما جدار يحول بينهم وبين علمهم بحدود الله ومن الممكن تجاوز هذا الجدار بترك الكفر والنفاق ... ، ولكن لو جاءت الكلمة من العمق (ح ج ز) عندها لا يمكن تجاوز هذا الجدار فهو يأتى فى البحار مثلا لأنها حقيقة كونية جعلها الله تعالى بكن فيكون فلا يمكن أن يتجاوز بحر ويختلط بحر ويختلط بالآخر ، يقول تعالى (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً) (١).
وإذا نظرنا إلى أمثلة أخرى فنجد قوله تعالى (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (٢). وقوله تعالى (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) (٣) نجد أن العمق اللغوى هنا هو (ص د ع) وصدع بالشيء أى شقة وفرقه ، فالصدع المرتبط بالأرض أى شقها وطرقها ، والصدع المرتبط بالأمر للرسول صلىاللهعليهوسلم أى بلغ ما تؤمر به وفرق بين الحق والباطل وهكذا نجد أن أى كلمة أخرى لا تؤدى لهذا البعد اللغوى المعجز ... ، وإذا نظرنا إلى قوله تعالى (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وقوله تعالى (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) (٤) ، وقوله تعالى (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) (٥).
وهنا نجد أن العمق والأصل اللغوى هو كلمة (ن ه ر) وهو فى اللغة بمعنى حفر فيقال نهرت النهر أى حفرته فنجد ونلاحظ الارتباط اللغوى بالعمق فى هذه الآيات ففي الآية الأولى نجد أن الأنهار هى شقوق وحفر فى جسم الأرض وفى الآية الثانية نجد أنه بتقدم العلوم وضح للعلماء أن الكون غالبيته ظلام وما النهار إلا
__________________
(١) سورة النمل الآية ٦١.
(٢) سورة الحجر الآية ٩٤.
(٣) سورة الطارق الآية ١٢.
(٤) سورة يس ص ٣٧.
(٥) سورة الضحى الآية ١٠.