ومكان بينما ما أنزل قبله صالح لأزمنة وأمكنة محددة ، والله تعالى يبين لأهل الكتاب أنه ما دامت رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم هى آخر الرسالات فلا بد أن تكون آيات تلك الرسالة هى أكبر من الآيات السابقة لأنها خير الرسالات والناسخة لها فالمقصود بكلمة آية كما أشرنا سابقا ليست هى الكلمات الموضوعة بين الفواصل ولكنها البرهان والمعجزة والدليل على ذلك هو ترابط القرآن الكريم لغويا وحسابيا وعدديا ، فليس هناك حكم معطل فى القرآن الكريم بحجة النسخ الذى يتصوره من لا يحيطون بالمعنى الحقيقى للعمق اللغوى للكلمة وتفسيرها المرتبط بمعنى الآية الكريمة ، فالعمق اللغوى للنسخ هى كلمة (ن س خ) أى زوال المنسوخ من مكانه وحلول الناسخ مكانه وليس أن يوجد الاثنان معا وبذلك فإن آيات القرآن الكريم كلها تكمل بعضها البعض ويفسر بعضها البعض وترتبط لغويا وحسابيا وعدديا وتلك هى معجزة القرآن الكريم الباقية والخاصة بكلام الله الذى لا يعتريه التناقض الذى ينطبق على عالم الخلق ... ، ولقد تفضل الله تعالى وألهم عبده الدكتور / عبد الله محمد البلتاجى بإعداد كتاب القرآن يتحدى والذى يوضح فيه معجزة القرآن الكريم الرياضية والذى يقول فى مقدمته : أراد الله سبحانه وتعالى أزلا دستورا لهذا الكون الواسع الشاسع ... ، قرآنا يقرأ وكتابا يكتب ، يحتوى كل أمور الدنيا والآخرة التوحيد والعبادات والمعاملات ، والأبعاد ، والمسافات ، والكتل ، والمواصفات ، والأجرام ، والأفلاك ، والمخلوقات ، والماديات ، والأعداد ، والأرقام ، والطاقات ، والقدرات ... ، وعلم سبحانه وتعالى بعلمه الأزلى لغات المخلوقات فى الكون كله ملكه وإنسه وجنه ... ، ما نعلم وما لا نعلم ... ، وما لا يمكن أن نعلم ... ، فأوحى الله تعالى آيات القرآن الكريم وهى فى أحسن نظم لغوى وتركيب علمى وإبداع رياضى ، ونص دستورى ، شاملة على كل شىء يقول تعالى (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) (١) فكانت حروف اللغة العربية هى الأقوى تعبيرا ولغة وحكمة وعلما ونظما من بين اللغات ... ، وجاءت حروفها كلمات ... ، وكلماتها آيات ... ، وآياتها سور ... ، فكان القرآن الكريم قرآنا يتعبد به
__________________
(١) سورة الأنعام الآية ٣٨