فى المخ بالنسبة للرجال فى بعض الخصائص حيث حددوا بالنسبة للنساء مركز الذاكرة ومركز الكلام وفى ناحية أخرى وجدوا مركزا آخر للكلام ، وذلك يفسر ما يغلب على النساء من كثرة الكلام والثرثرة حين تكون الفرصة لذلك .. ، (١) ومن هنا نفهم الحكمة من الإشارة القرآنية فى جعل شهادة الرجل بامرأتين حيث أن الكلام يغلب على الذاكرة بالنسبة للنساء فحين تنسى أحدهما تذكرها الأخرى كما وصفت الآية الكريمة ، ويبدو الإعجاز فى ملاحظة العلماء أن للرجل مركزا واحدا للكلام والذاكرة تحل محل مركز الكلام الآخر بالنسبة للنساء ، لذلك فالرجل يفكر أكثر مما يتكلم به ويستطيع أن يحكم الأمور بميزان الحكمة الناتجة عن فكرة فى الأشياء بعكس الطابع الجدلى بالنسبة للنساء فى ميزان الأمور .. ، إن القرآن الكريم يعطى المزيد من إشارات الإعجاز كلما كان التفكر والبحث والرغبة فى الوصول إلى معرفة الله تعالى الخالق الوهاب ، فمثلا حين ندرك فى واقعنا أن الإنسان لا يشقى إلا طلبا لأربع حاجات أساسية وهى الطعام والشراب واللباس والمسكن ويرتب الناس تلك الحاجات الأساسية بقولهم الطعام والشراب واللباس والمسكن ، وهم يضعون الطعام والشراب فى مجموعة لأنها حاجة البطن ويضعون اللباس والمسكن فى مجموعة لأنها حاجة الجسم والهيئة.
ولكن القرآن الكريم صور تلك الحاجات تصويرا مخالفا لما يتصوره الناس يقول تعالى (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى ، إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى ، وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) .. ، وهذا التقسيم هو بالفعل ما توصل إليه العلماء فى عصرنا من ارتباط كل مجموعة بقرينتها استنادا إلى التفسير العلمى الواضح فى تلك المسألة ، فالطعام اللازم للإنسان فى حالة الجوع هو الطاقة المحركة له والباعثة على النشاط فى صورة الحرارة اللازمة لأداء وظائف الجسم المختلفة ولكى يتم الحفاظ على هذه الحرارة لا بد أن يحافظ عليها الإنسان بأن لا يعرى ولا يتعرض للبرد حتى لا تختل وظائفه .. ، كذلك فإن الحرارة الزائدة فى
__________________
(١) ذكر ذلك الشيخ عبد المجيد الزندانى فى حديث له عن نواحى الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم.