وكاد الصحابة أن يأكلوا أوراق الشجر ... ، ثم كانت رعاية الله وفضله عليه بحادثة الإسراء والمعراج ، حيث عرج به إلى السماوات العلى ، وحيث رأى من آيات ربه الكبرى ، ورأى صورا من عذاب العصاة ونعيم الطائعين ، ليدرك المؤمنون أن الجنة حق وأن النار حق ، إن رحمة الله تأتى مع اليقين والصبر ويؤيد بنصره من تقربوا إليه ودعوا إليه ... ، هناك من الصالحين من أراد أن يترك أمر النصيحة ويكتفى بالدعوة على المنابر فى المساجد ، فوجد رجلا يواجهه بكلمة اتق الله فأدرك ما تعنيه الكلمة وواصل أمر الدعوة ... ، وهناك من صبروا على العطش وهم يسيرون فى الطريق وحين وجدوا الماء قال أحدهم إن الماء لا يروى إلا بأمر الله ، ودخلوا المسجد ولم يشربوا وبعد لحظات شعروا جميعا أنهم لا يحتاجون إلى الماء ، وهناك من فقدوا الطعام وكان أحدهم لا يبالى وحين سألوه عن سر ذلك ، قال ربى قادر أن يطعمنى ولم يمر من الوقت إلا القليل وجاءهم رجل بمائدة من طعام العقيقة فأكلوا حتى شبعوا فعلينا بالقناعة وعدم التفكير فى الشهوات ، والحذر من المعاصى ، والثبات على الحق والاستمرار على أمر الدعوة والنصح فى الخير ... ، وعلينا بالرضا وبغض المعاصى ، يقول تعالى (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١) ... ، ألا يستحى الإنسان من الله ، ألا يرغب فى النعيم المقيم فى الجنة ويسلم من العذاب الشديد فى النار ، إن الله هو الغنى المانح لكل شىء لذلك فمن اعتمد على ماله قل ومن اعتمد على عقله ضل ومن اعتمد على جاهه زل ، ومن اعتمد على الله ما قل ولا ضل ولا ذل ... ، فلا توقف عن الطاعة والدعوة والشكر والدعاء والرجاء.
١٧ ـ الإعجاز فى آداب وأخلاق إسلامية
إن الدين الإسلامى لم يكن يقينا ثابتا أو عبادات وقتية فحسب ولكنه يشمل جميع الآداب الفاضلة فى حسن المعاملة والتعامل الراقى مع البشرية كلها ، فهو دين النظافة والحس المرهف ومراعاة شعور الآخرين وعدم الإساءة إليهم ، ولقد كان علقمة
__________________
(١) سورة المجادلة الآية ٧