الحيوان الناطق وغير مفهوم الناطق. فيكون المعنى المعقول على هذا الوجه مادّة بالنسبة إلى المعنى الزائد المقارن ، وعلّة مادّية بالنسبة إلى المجموع منه ومن المقارن. وجاز أن نعقله مقيسا إلى عدّة من الأنواع الّتي تشترك فيه ، كأن نعقل معنى الحيوان المذكور آنفا مثلا بأنّه الحيوان الّذي هو إمّا إنسان وإمّا فرس وإمّا غنم وإمّا غير ذلك من أنواع الحيوان ، فيكون المعنى المعقول على هذا النحو ماهيّة ناقصة غير محصّلة ، حتّى ينضمّ إليها الفصل المختصّ بأحد تلك الأنواع ، فيحصّلها ماهيّة تامّة ، فتكون ذلك النوع بعينه ، كأن ينضمّ فصل الإنسان مثلا ـ وهو الناطق ـ إلى الحيوان ، فيكون هو الحيوان الناطق بعينه ، وهو نوع الإنسان ، ويسمّى الذاتيّ المشترك فيه المأخوذ (١) بهذا الاعتبار (٢) : «جنسا» والّذي يحصّله : «فصلا».
والاعتباران المذكوران الجاريان في الجزء المشترك ـ أعني أخذه بشرط لا ، ولا بشرط ـ يجريان في الجزء المختصّ. فيكون بالاعتبار الأوّل صورة للجزء الآخر المقارن وعلّة صوريّة للمجموع ولا يحمل على شيء منهما (٣) ، وبالاعتبار الثاني فصلا يحصّل الجنس ويتمّم النوع ويحمل عليه حملا أوّليّا.
فقد تحصّل : أنّ الجزء الأعمّ في الماهيّات ـ وهو الجنس ـ متقوّم بالجزء الأخصّ الّذي هو الفصل بحسب التحليل العقليّ.
قال في الأسفار ـ في كيفيّة تقوّم الجنس بالفصل ـ : «هذا التقويم ليس بحسب الخارج ، لاتّحادهما في الوجود ، والمتّحدان في ظرف لا يمكن تقوّم أحدهما بالآخر وجودا ، بل بحسب تحليل العقل الماهيّة النوعيّة إلى جزئين عقليّين وحكمه بعلّيّة أحدهما للآخر ، ضرورة احتياج أجزاء ماهيّة واحدة بعضها إلى بعض. والمحتاج إليه والعلّة لا يكون إلّا الجزء الفصليّ ، لاستحالة أن يكون الجزء الجنسيّ علّة لوجود الجزء الفصليّ ، وإلّا لكانت الفصول المتقابلة لازمة له ،
__________________
(١) وصف للمشترك فيه.
(٢) أي : باعتبار أنّه ماهيّة ناقصة غير محصّلة ، مأخوذة لا بشرط.
(٣) أي : الجزء الآخر المقارن والمجموع.