المأخوذ فصلا للإنسان ، فإنّ المراد بالنطق إمّا التكلّم وهو بوجه من الكيفيّات المسموعة (١) ، وإمّا إدراك الكلّيّات وهو عندهم من الكيفيّات النفسانيّة ، والكيفيّة كيفما كانت من الأعراض ، والأعراض لا تقوّم الجواهر. ويسمّى : «فصلا منطقيّا» (٢).
والثاني : ما يقوّم النوع ويحصّل الجنس حقيقة ، وهو مبدأ الفصل المنطقيّ ، ككون الإنسان ذا نفس ناطقة فصلا للنوع الإنسانيّ ، ويسمّى : «فصلا اشتقاقيّا» (٣).
ثمّ إنّ الفصل الأخير (٤) تمام حقيقة النوع ، لأنّه محصّل الجنس الّذي يحصّله ويتمّمه نوعا ، فما اخذ في أجناسه وفصوله الاخر على وجه الإبهام مأخوذ فيه على وجه التحصيل (٥).
ويتفرّع عليه : أنّ نوعيّة النوع محفوظة بالفصل ولو تبدّلت بعض أجناسه ، ولذا لو تجرّدت صورته (الّتي هي الفصل بشرط لا) عن المادّة (الّتي هي الجنس بشرط لا) في المركّبات المادّيّة ـ كالإنسان تتجرّد نفسه فتفارق البدن ـ كانت حقيقة النوع محفوظة بالصورة.
__________________
(١) أي : هو من الكيفيّات المسموعة ، بناء على كون الصوت كيفيّة تحدث في الهواء بسبب تموّجه الحاصل من القرع أو القلع ، كما هو المشهور. وأمّا لو كان الصوت كيفيّة حاصلة للسمع عند تأثّر الصماخ والأعصاب والمخّ بالارتعاشات الخاصّة فيكون التكلّم من الكيفيّات النفسانيّة.
(٢) وهو غير الفصل المنطقيّ المشهوريّ ، كما مرّ.
(٣) قال الشيخ محمّد تقي الآمليّ في درر الفوائد ١ : ٣٨١ : «وإنّما سمّي بالاشتقاقيّ لأنّه مبدأ الفصل المنطقيّ ، لأنّه ملزوم له ، والملزوم مبدأ أخذ لازمه».
وقال الحكيم السبزواريّ في تعليقة الأسفار ٨ : ٣٤٤ : «وهو الفصل الحقيقيّ الّذي هو مبدأ الفصل المنطقيّ ، فالاشتقاقيّ منسوب إلى المشتقّ منه أي المأخوذ منه ، والمشتقّ هو المنطقيّ».
(٤) أي : الفصل القريب ، كالناطق للإنسان ، قبال الفصل البعيد والمتوسّط من فصول أجناسه البعيدة والمتوسّطة ، مثل النامي والمتحرّك بالإرادة والحسّاس.
(٥) قال الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة (قسم الحكمة) : ١٠١ : «فالنفس الناطقة الّتي هي الفصل الأخير في الإنسان لمّا كانت بسيطة الحقيقة ـ والبسيط جامع لجميع الكمالات الّتي وجدت فيما تحته ـ كانت الناطقة مشتملة على وجودات الجوهر والجسم والمعدن والنامي والحسّاس والمتحرّك بالإرادة بنحو البساطة والوحدة».