غير الصورة الجسميّة (١) ، لكنّهم قصروا النوع المادّيّ الأوّل في الجسم تعويلا على استقرائهم.
على أنّك قد عرفت (٢) أنّ الصورة الجوهريّة ليست مندرجة تحت مقولة الجوهر وإن صدق عليها الجوهر صدق الخارج اللازم.
قال في الأسفار بعد الإشارة إلى التقسيم المذكور : «والأجود في هذا التقسيم أن يقال : الجوهر إن كان قابلا للأبعاد الثلاثة فهو الجسم ، وإلّا فإن كان جزءا منه هو به بالفعل ـ سواء كان في جنسه أو في نوعه ـ فصورة ، إمّا امتداديّة أو طبيعيّة (٣) ، أو جزء هو به بالقوّة فمادّة ، وإن لم يكن جزءا منه فإن كان متصرّفا فيه بالمباشرة (٤) فنفس ، وإلّا فعقل».
ثمّ قال مشيرا إلى وجه جودة هذا التقسيم : «وذلك لما سيظهر من تضاعيف ما حقّقناه من كون الجوهر النفسانيّ الإنسانيّ مادّة للصورة الإدراكيّة (٥) الّتي يتحصّل بها جوهرا آخر كماليّا بالفعل من الأنواع المحصّلة الّتي يكون لها نحو آخر من الوجود غير الوجود الطبيعيّ الّذي لهذه الأنواع المحصّلة الطبيعيّة» (٦) انتهى.
وما يرد على التقسيم السابق يرد على هذا التقسيم أيضا. على أنّ عطف
__________________
(١) لا يخفى أنّ هذا الإيراد إنّما يرد عليهم إن أرادوا أن يجعلوا حصر الجواهر في الخمسة حصرا عقليّا ، مضافا إلى أنّ مقصودهم من الصورة ليست الصورة الجسميّة فقط ، بل أعمّ من الصورة النوعيّة.
(٢) في الفصل السابق.
(٣) أي : إمّا جسميّة ، وإمّا نوعيّة.
(٤) أي : يكون له تعلّق تدبيريّ استكماليّ بالجسم.
(٥) بناء على ما ذهب إليه نفسه من أنّ اتّحاد العاقل بالمعقول اتّحاد المادّة بالصورة. فيكون الجوهر النفسانيّ الإنسانيّ ـ وهو العاقل ـ مادّة للصورة الإدراكيّة ـ وهو المعقول ـ ، فالنفس تصير متّحدة بالصورة الإدراكيّة.
وحاصل وجه الأجوديّة أنّ الكائن في المحلّ لا يختصّ بالصور المادّيّة ، بل الصورة الإدراكيّة أيضا حالّة في النفوس ، كما أنّ المحلّ لا يختصّ بالهيولى ، بل النفس أيضا تكون محلّا للصورة الإدراكيّة.
(٦) راجع الأسفار ٤ : ٢٣٤.