لا يقال (١) : لا نسلّم أنّ الجوهر لا يقوّمه إلّا جوهر ، فكثيرا مّا يوجد الشيء ويقال عليه (٢) الجوهر (٣) في جواب «ما هو؟» ثمّ ينضمّ إليه شيء من الأعراض ويتغيّر به جواب السؤال عنه ب «ما هو؟» كالحديد الّذي هو جوهر ، فإذا صنع منه السيف بضمّ هيئات عرضيّة إليه ، وسئل عنه ب «ما هو؟» كان الجواب عنه غير الجواب عنه (٤) وهو حديد ، وكالطين والحجر ، وهما جوهران ، فإذا بني منهما بناء وقع في جواب السؤال عنهما (٥) ب «ما هو؟» البيت ، ولم ينضمّ إليهما (٦) إلّا هيئات عرضيّة.
فإنّه يقال (٧) : فيه خلط بين الأنواع الحقيقيّة ـ الّتي هي مركّبات حقيقيّة تحصل من تركّبها هويّة واحدة وراء الأجزاء ، لها آثار وراء آثار الأجزاء كالعناصر (٨) والمواليد (٩) ـ وبين المركّبات الاعتباريّة الّتي لا يحصل من تركّب أجزائها أمر وراء الأجزاء ، ولا أثر وراء آثارها ، كالسيف والبيت من الامور الصناعيّة وغيرها.
وبالجملة : المركّبات الاعتباريّة لا يحصل منها أمر وراء نفس الأجزاء. والمركّب من جوهر وعرض لا جوهر ولا عرض ، فلا ماهيّة له حتّى يقع
__________________
(١) هذا الإشكال أورده الشيخ الإشراقيّ على حجّة اخرى قريبة المأخذ من هذه الحجّة ، وهي : أنّ في الماء والنار والأرض والهواء ونحوها امورا تغيّر جواب «ما هو؟» فيكون صورا. فراجع المطارحات : ٢٨٨ ، وشرح حكمة الإشراق : ٢٣١. وتعرّض لها صدر المتألّهين في الأسفار ٥ : ١٧١ ، وشرحه للهداية الأثيريّة : ٧٠.
(٢) أي : يحمل عليه.
(٣) أي : ما هو الجوهر كالحديد.
(٤) كان الجواب عنه «السيف» ، وهو غير ما يقع في جواب السؤال عن الحديد ب «ما هو؟» وهو الحديد.
(٥) وفي النسخ : «السؤال عنه». وما أثبتناه هو الصحيح.
(٦) في النسخ : «إليها». وما أثبتناه هو الصحيح.
(٧) هكذا أجاب عنه صدر المتألّهين في الأسفار ٥ : ١٧٥ ـ ١٧٩ ، وشرحه للهداية الأثيريّة : ص ٧٠ ، وتعليقاته على شرح حكمة الإشراق : ٢٣١.
(٨) وهي عند الطبيعيّين أجسام بسيطة. والمعروف عند قدماء الفلاسفة أنّها أربعة : النار ، والماء ، والهواء ، والأرض. وأمّا عند المتألّهين فهي مركّبة من المادّة والصورة الجسميّة والصورة النوعيّة.
(٩) وهي المركّبات العنصريّة المسمّاة ب «المواليد الثلاثة». وهي : المعدن والنبات والحيوان.