أنّه موجود ، حتّى أنّ الكثرة الموجودة ـ من حيث هي موجودة ـ كثرة واحدة ، كما يشهد بذلك عرض العدد لها (١) ، والعدد مؤلّف من آحاد ، يقال : كثرة واحدة وكثرتان وكثرات ثلاث ، وعشرة واحدة وعشرتان وعشرات ثلاث ، وهكذا.
وربّما يتوهّم أنّ انقسام الموجود إلى الواحد والكثير ينافي كون الواحد مساوقا للموجود ، وذلك أنّ الكثير ـ من حيث هو كثير ـ موجود لمكان الانقسام المذكور ، والكثير ـ من حيث هو كثير ـ ليس بواحد ، ينتج أنّ بعض الموجود ليس بواحد (٢) ، وهو يناقض قولهم : «كلّ موجود فهو واحد».
ويدفعه (٣) : أنّ للواحد اعتبارين : اعتباره في نفسه من غير قياس
__________________
(١) وفي النسخ : «عروض العدد لها». والصحيح ما أثبتناه ، فإنّ كلمة «عروض» ممّا لا يساعد عليه اللغة.
(٢) وحاصل التوهّم قياس على نحو الشكل الثالث ، فيقال : الكثير من حيث هو كثير موجود ، ولا شيء من الكثير من حيث هو كثير واحدا ، فبعض الموجود ليس بواحد. وهذه النتيجة يناقض قولهم : «كلّ موجود فهو واحد».
(٣) كذا دفعه المصنّف رحمهالله في تعليقته على الأسفار ٢ : ٩٠. ثمّ قال في آخر كلامه : «وإلى هذا يرجع آخر كلام المصنّف». ودفعه صدر المتألّهين بوجه آخر في الأسفار ٢ : ٩١ ، وتعليقاته على شرح حكمة الإشراق : ١٩٣.
وحاصل ما ذكره المصنّف رحمهالله : أنّ التوهّم يدفع إمّا بمنع التهافت بين نتيجة القياس المذكور وبين القضيّة المذكورة ، وإمّا بمنع الكبرى في القياس المذكور.
بيان ذلك : أنّ الوحدة الّتي يتّصف بها الموجود على وجهين :
الأوّل : الوحدة الّتي يتّصف بها الموجود في نفسه ومن حيث إنّه موجود ، من دون قياسه إلى الغير. وهذه هي الّتي يتّصف بها كلّ موجود ، سواء كان واحدا أو كثيرا. وهي المراد من الوحدة في قولهم : «والوحدة تساوق الوجود ، فكلّ موجود واحد».
الثاني : الوحدة الّتي يتّصف بها الموجود إذا قيس إلى موجود آخر يكون كثيرا بالقياس إليه. وهذه هي الوحدة الإضافيّة الّتي تقابل الكثرة ، ولا يتّصف بها الكثير.
إذا عرفت هذا فنقول :
إن كان المراد من الوحدة في كبرى القياس المذكور «ولا شيء من الكثير من حيث هو كثير واحدا» هو الوحدة الإضافيّة فهي وإن كانت صادقة وينتج «فبعض الموجود ليس ـ