ذلك ، فيقال : «عدم العلّة علّة لعدم المعلول» حيث يضيف العدم إلى العلّة والمعلول فيتميّز العدمان ، ثمّ يبنى عدم المعلول على عدم العلّة كما كان يتوقّف وجود المعلول على وجود العلّة (١). وذلك نوع من التجوّز (٢) ، حقيقته الإشارة إلى ما بين الوجودين من التوقّف (٣).
ونظير العدم المضاف العدم المقيّد بأيّ قيد يقيّده ، كالعدم الذاتيّ والعدم الزمانيّ والعدم الأزليّ (٤). ففي جميع ذلك يتصوّر مفهوم العدم ويفرض له مصداق على حدّ سائر المفاهيم ، ثمّ يقيّد المفهوم فيتميّز المصداق ، ثمّ يحكم على المصداق ـ على ما له من الثبوت المفروض ـ بما يقتضيه من الحكم ، كاعتبار عدم العدم قبال العدم ، نظير اعتبار العدم المقابل للوجود قبال الوجود.
وبذلك يندفع الإشكال (٥) في اعتبار عدم العدم ، بأنّ العدم المضاف إلى العدم نوع من العدم (٦) ، وهو (٧) ـ بما أنّه رافع للعدم المضاف إليه ـ يقابله (٨) تقابل
__________________
(١) هذا أوّل الوجوه الّتي استدلّ المحقّق الطوسيّ بها على تمايز الأعدام ، فراجع كشف المراد : ص ٤٣ ، وشوارق الإلهام : ٦٦ ـ ٦٧.
(٢) كما في شرح المنظومة : ٤٨.
(٣) وأجاب عنه أيضا صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٣٥٠ ـ ٣٥١.
(٤) العدم الذاتيّ : هو عدم الشيء في حدّ ذاته ، المجامع لوجوده بعد استناده إلى العلّة. ولذا يسمّى : «العدم المجامع». كجميع الموجودات الممكنة الّتي لها الوجود بعلّة خارجة من ذواتها ، وليس لها في حدّ ذواتها إلّا العدم. ويقابله العدم الغيريّ ، وهو عدم الشيء بانعدام علّته ، وهذا العدم لا يجامع الوجود.
والعدم الزمانيّ : هو الّذي لا يجامع الوجود ، أي عدم الشيء في زمان. ويقابله العدم غير الزمانيّ ، وهو انعدام الشيء لا في زمان.
والعدم الأزليّ : هو الّذي لا أوّل له ، كعدم المعدومات الّتي لم يوجد أصلا. ويقابله العدم الّذي له أوّل ، كعدم الموجودات بعد وجودها.
(٥) هذا الإشكال تعرّض له صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ٣٥٢.
(٦) كما كان عدم زيد نوع من العدم ، وعدم عمرو نوع آخر منه.
ولا يخفى أنّه حيث كان مفهوم العدم من المفاهيم الاعتباريّة لا يمكن أن يكون نوعا إلّا بنوع من التجوّز.
(٧) أي : عدم العدم.
(٨) أي : يقابل العدم.