الفصل الأوّل
في أنّ كلّ مفهوم إمّا واجب وإمّا ممكن وإمّا ممتنع (١)
__________________
(١) لا يخفى ما في هذا التقسيم ، لأنّه إن كان المراد من المفهوم ـ الّذي جعل مقسما ـ هو المفهوم بالحمل الأوّليّ فلا ريب أنّه بالحمل الأوّليّ ليس إلّا المدرك والمعلوم ، ضرورة أنّ مفهوم كلمة «المفهوم» هو ما يدرك ويعلم ، كما أنّ مفهوم كلمة «الإنسان» هو الحيوان الناطق فقط. فهو بالحمل الأوّلي لا واجب ولا ممكن ولا ممتنع.
وإن كان المراد منه المفهوم بالحمل الشائع ـ أي مصداق المفهوم ـ ففيه وجهان :
الأوّل : أن يكون المراد منه المصداق الحقيقيّ للمفهوم ـ وهو المفهوم بالذات ـ كمفهوم الإنسان أو مفهوم الوجود أو مفهوم اجتماع النقيضين أو غيرها من المصاديق الذهنيّة للمفهوم ، فهذه المصاديق كما يمكن أن يوجد في الذهن بعد تصوّرها يمكن أن يعدم ويذهب عنه ، فهي مصاديق ذهنيّة ممكنة ، ولا تتّصف بالوجوب أو الامتناع.
الثاني : أن يكون المراد من مصداق المفهوم مصداقه بالعرض ، وهو المصاديق الخارجيّة الّتي تحكي عنها المفاهيم بالذات ـ أي المصاديق الذهنيّة ـ كحقيقة الموجود المطلق الّتي يحكي عنها مفهوم الموجود المطلق الّذي كان موطنه الذهن ، وحقيقة الإنسان الّتي يحكي عنها مفهوم الإنسان الّذي كان موطنه الذهن. وهذه المصاديق الموجودة في الخارج منها :
ما يكون الوجود ضروريّا له ـ أي لا يمكن أن يعدم كما لم يكن معدوما ـ فهو الواجب ، ومنها :
ما لا يكون الوجود ضروريّا له ـ أي يمكن أن يعدم كما كان معدوما ، وإن كان فعلا موجودا ، وكان الوجود حين وجوده ضروريّا له ـ فهو الممكن.
فالأولى أن يقال : «كلّ موجود ـ وهذا العنوان يشمل المصاديق الذهنيّة أيضا ، فإنّها وإن كانت ذهنيّة بالقياس إلى الخارج إلّا أنّها في نفسها خارجيّة ـ إمّا أن يكون الوجود ضروريّا له ـ أي لا يمكن أن يعدم كما لم يكن معدوما ـ وهو الواجب ، وإمّا أن لا يكون الوجود ضروريّا له ـ