هذا والمسلمون بعامة يؤمنون بما أنزل الله سبحانه على نبيه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في القرآن الكريم ، وفيه قوله عزّ من قائل : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) الآية. وهذا النص القرآني الكريم يفيدنا أن آدم عليهالسلام أبا البشر عند ما أسكنه الله تعالى الأرض ما كان أخرسا ولا خاليا من اللغة ، بل كان مزودا بجميع مفاهيم اللغة ، ولغته متكاملة ، تصلح للتفاهم ، ومن الطبيعي أنه علّمها لأولاده وأحفاده ، وهكذا عمّت لغته أبناء نسله جيلا بعد جيل.
والمسلمون يؤمنون أن للحروف التي هي أساس اللغة أسرارا ومفاهيم ليس من الحكمة أن يفهمها كل الناس ، ومن هنا فقد وهب الله تعالى بطريقة ما بعض أسرارها للمقربين منه من عباده الصالحين ، وهؤلاء قد أبانوا لنا بعض أسرار الحروف بالقدر الذي يأذن به الله سبحانه وتعالى.
ونحن في كتابنا هذا سنحاول أن نذكر ما استطعنا التوصل إليه من جمع بعض الأسرار نقلناها مما توفر لدينا من المصادر المنتقاة ، وأعرضنا عن الكثير مما وقفنا عليه تحاشيا للإطالة وتوخيا للإيجاز والاختصار. وسوف نذكر إن شاء الله تعالى ما يناسب المقام من أسرار بعض الآيات والسور القرآنية الكريمة ، والاسم الأعظم والحروف المقطعة في أوائل بعض السور القرآنية ، وكتاب الجفر ، وأرقام حساب الجمل ، والأدعية والطلاسم ، وتركيبات بعض الحروف ، وأسرار ذاتية الحرف وحياته.
هذا وليست لنا القدرة ولا الاطلاع ولا العلم عن كيفيات التعليم الأساسية للوصول إلى حقائق تلكم الأسرار ، لأنها هي الأخرى من أكبر الأسرار التي أخفاها الباري عزوجل عن عامة عباده ووهب منها ما شاء لعباده الصالحين المقربين بوسيلة من الوسائل الكشفية أو الإلهامية أو العبادية ، وما أجلّ وأكثر الوسائل عنده سبحانه وتعالى.