القسم (١) أي : لتجزيّن كما نقله أبو البقاء عن بعضهم (٢) ، وتتعلق هذه اللام بأخفيها (٣). وجعلها (٤) بعضهم متعلقة ب (آتية) (٥) ، وهذا لا يتم إلا إذا قدرت أن (أَكادُ أُخْفِيها) معترضة بين المتعلق والمتعلق به ، أما إذا جعلتها صفة (آتية) فلا يتم على مذهب البصريين ، لأن اسم (٦) الفاعل متى (٧) وصف لم يعمل فإن عمل ثم وصف جاز (٨).
وقال أبو البقاء : وقيل : ب (آتية) ، ولذلك (٩) وقف بعضهم على ذلك (١٠) وقفة يسيرة (١١) إيذانا بانفصالها عن (أخفيها) (١٢)(١٣).
قوله : (بِما تَسْعى) متعلق ب «لتجزى» (١٤). و«ما» يجوز أن تكون مصدرية أو موصولة اسمية (١٥) ، ولا بد من مضاف ، أي : لتجزى بعقاب سعيها ، أو : بعقاب ما سعته.
فصل
لمّا حكم بمجيء الساعة ذكر الدليل عليه ، وهو أنه لو لا القيامة لما تميز المطيع من العاصي ، وهو المعنيّ بقوله : «أم نجعل المتّقين كالفجّار (١٦)» (١٧).
واحتجت المعتزلة بهذه الآية (١٨) على أن الثواب مستحق على العمل ، لأن (الباء) للإلصاق ، فقوله : (بِما تَسْعى) يدل على أن المؤثر في ذلك الجزاء (١٩) هو ذلك السعي (٢٠) واحتجوا بها أيضا على أن فعل العبد غير مخلوق لله تعالى ، لأن الآية صريحة (٢١) في إثبات
__________________
(١) قال ابن الأنباري : (وكان أبو حاتم السجستاني يجعل هذه اللام لام القسم) البيان ٢ / ١٤٠.
(٢) قال أبو البقاء : (وقيل لفظه لفظ كي وتقديره القسم ، أي : لتجزينّ) التبيان ٢ / ٨٨٧.
(٣) انظر البيان ٢٠ / ١٣٩ ، التبيان ٢ / ٨٨٧.
(٤) في الأصل : وجمل ما. وهو تحريف.
(٥) قال أبو حيان : (واللام على قراءة الجمهور. قال صاحب اللوائح : متعلقة بآتية ، كأنه قال : إنّ الساعة آتية لتجزى) البحر المحيط ٦ / ٢٣٢.
وانظر الكشاف ٢ / ٤٣٠ ، التبيان ٢ / ٨٨٧.
(٦) اسم : سقط من ب.
(٧) في ب : إذا.
(٨) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٣٢ ، شرح الأشموني ٢ / ٢٩٢.
(٩) في الأصل : وذلك.
(١٠) في ب : عليه.
(١١) في ب : بسيرة كما. وهو تحريف.
(١٢) في ب : بأخفيها. وهو تحريف.
(١٣) التبيان ٢ / ٨٨٧.
(١٤) في الأصل : تجزى.
(١٥) التبيان ٢ / ٨٨٧.
(١٦) من قوله تعالى : «أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ» [ص : ٢٨].
(١٧) انظر الفخر الرازي : ٢٢ / ٢٢.
(١٨) المقصود بالآية قوله تعالى : «إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى».
(١٩) في ب : القضاء والجزاء. وهو تحريف.
(٢٠) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٢.
(٢١) في ب : لأن الله تعالى صرح.