كعرف الفرس ، وكان بين لحييها أربعون ذراعا ، صارت شعبتاها شدقين لها والمحجن عنقا (١) يهتز ، وعيناها متقدان كالنار ، وتمر بالصخرة (٢) العظيمة مثل الخلفة (٣) من الإبل فتلتقمها (٤) ، وتقصف الشجرة العظيمة بأنيابها ، ويسمع لأسنانها (صريف (٥) عظيم) (٦)(٧).
وهذا خارق عظيم وبرهان قاطع على أن الذي يكلمه هو الذي يقول للشيء كن فيكون.
فصل
والحكمة (٨) في قلب العصا حيّة في ذلك الوقت من وجوه :
أحدها (٩) : لتكون معجزة لموسى ـ عليهالسلام ـ يعرف بها نبوة نفسه ، لأنه عليهالسلام (١٠) ـ إلى هذا الوقت ما سمع إلا النداء. والنداء (١١) وإن كان مخالفا للعادات إلا أنه لم يكن معجزا ، لاحتمال أن يكون ذلك من عادات (١٢) الملائكة أو الجن ، فقلب العصا حيّة ليكون دليلا قاهرا (١٣) على الممعجزة.
الثاني : أنه تعالى عرضها عليه (١٤) ليشاهدها أولا ، فإذا شاهدها عند فرعون لا يخافها.
وثالثها (١٥) : أنه كان راعيا فقيرا ثم نصّب للمنصب العظيم فلعله بقي يتعجب (١٦) من ذلك ، فقلب العصا حيّة تنبيّا على أني لما قدرت على ذلك ، فكيف يستبعد مني نصرة مثلك في إظهار الدين(١٧).
فإن قيل : كيف قال ههنا «حيّة» وفي موضع آخر «جان» (١٨) وهو الحية الخفية الصغيرة ، وقال في موضع (١٩) «ثعبان» (٢٠) وهو أكبر ما يكون من الحيات؟.
فالجواب : أن الحيّة اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والصغير والكبير (٢١) وأما
__________________
(١) في ب : عنقا وعرفا.
(٢) في ب : بالهجوة. وهو تحريف.
(٣) الخلفة : ما علق خلف الراكب.
(٤) في ب : فتلفها. وهو تحريف.
(٥) الصريف : صوت الأنياب والأبواب. اللسان (صرف).
(٦) البغوي ٥ / ٤١٧.
(٧) في النسختين : صريفا عظيما.
(٨) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٨.
(٩) في ب : الأول.
(١٠) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١١) والنداء : سقط من الأصل.
(١٢) في ب : عادة.
(١٣) في ب : قاطعا.
(١٤) في ب : عرض عليها. وهو تحريف.
(١٥) في ب : الثالث.
(١٦) في ب : متعجب.
(١٧) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢٨.
(١٨) في قوله تعالى : «كَأَنَّها جَانٌ» [النمل : ١٠] ، [القصص : ٣١].
(١٩) في ب : في آخر.
(٢٠) في قوله تعالى :«فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ» [الأعراف : ١٠٧][الشعراء : ٣٢].
(٢١) في ب : الصغيرة والكبيرة. وهو تحريف.