الجانّ (١) فقيل : عبارة عن ابتداء حالها فإنها (٢) كانت حيّة على قدر العصا ثم تورمت وتزايدت وانتفخت حتى صارت ثعبانا.
وقيل : كانت في عظم الثعبان (٣) وسرعة الجانّ لقوله تعالى : (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ)(٤)(٥).
(و«تسعى») (٦) يجوز أن تكون خبرا ثانيا (٧) عند من يجوز ذلك ويجوز أن تكون صفة ل «حيّة» فلما عاين موسى ذلك «ولّى مدبرا» (٨) ، وهرب ثم ذكر ربه فوقف استحياء فنودي : «خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها» (وهيئتها) (٩) «الأولى» أي نردها عصا كما كانت. قوله : «سيرتها» في نصبها (١٠) أوجه :
أحدها : أن تكون منصوبة على الظرف ، أي في سيرتها أي : طريقتها (١١).
الثاني : أن تكون (١٢) منصوبة على البدل من «ها» (١٣) ، «سنعيدها» بدل اشتمال لأن السيرة الصفة ، أي سنعيدها صفتها وشكلها (١٤).
الثالث : أنها منصوبة على إسقاط الخافض أي : إلى سيرتها (١٥).
قال الزمخشري (١٦) : ويجوز أن يكون مفعولا من عاد أي عاد إليه ، فيتعدى لمفعولين ، ومنه بيت زهير :
٣٦٥٢ ـ وعادك أن تلاقيها عداء (١٧)
__________________
(١) الجانّ : سقط من ب.
(٢) في الأصل : فإنه. وهو تحريف.
(٣) في ب : كانت من أعظم الحيات أو في أعظم الثعبان. وهو تحريف.
(٤) [النمل : ١٠] ، [القصص : ٣١].
(٥) انظر البغوي ٥ / ٤١٧ ، الفخر الرازي ٢٢ / ٢٨.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٨٨٨.
(٨) من قوله تعالى : «فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً» [النمل : ١٠][القصص : ٣١].
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) في ب : نصبه.
(١١) انظر الكشاف ٢ / ٤٣١.
ورده أبو حيان فقال في البحر المحيط بعد ما ذكر قول الزمخشري في جواز نصب (سيرتها) على الظرف : (وسيرتها وطريقتها ظرف مختص فلا يتعدى إليه الفصل على طريقة الظرفية إلا بواسطة (في) ولا يجوز الحذف إلا في ضرورة أو فيما شذت فيه العرب) ٦ / ٢٣٦.
(١٢) في ب : أنها.
(١٣) في ب : قوله. وهو تحريف.
(١٤) ذكر هذا الوجه أبو البقاء. انظر التبيان ٢ / ٨٨٨ ، البحر المحيط ٦ / ٢٣٦.
(١٥) قاله الحوفي. قال أبو حيان (واختلفوا في إعراب سيرتها. فقال الحوفي : مفعول ثان ل (سنعيدها) على حذف الجار مثل «وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ» يعني : إلى سيرتها) البحر المحيط ٦ / ٢٣٥ ، ٢٣٦. وانظر التبيان ٢ / ١٤١.
(١٦) الكشاف ٢ / ٤٣١. بتصرف ، وهو بلفظه في البحر المحيط ٦ / ٢٣٦.
(١٧) هذا عجز بيت من بحر الوافر قاله زهير ، وصدره : فصرم حبلها إذ صرفته وهو في شرح الديوان (٦٢) ، الكشاف ٢ / ٤٣١ ، اللسان (عدا) والبحر المحيط ٦ / ٢٣٦. ورواية شرح الديوان : العداء والشاهد فيه تعدي (عاد) إلى مفعولين وهما ضمير المخاطب و(أن تلاقيها).