ولا بد من حذف في الكلام ، أي : على قدر أمر (١) من الأمور.
وقال محمد بن كعب : جئت على القدر الذي قدرت أنك تجيء فيه (٢) وقال مقاتل : كان موعدا (في تقدير الله (٣).
وقال عبد الرحمن بن كيسان (٤) : كان على رأس أربعين سنة ، وهو القدر الذي) (٥) يوحى فيه إلى الأنبياء. وهذا قول أكثر المفسرين ، أي على الوعد الذي وعده الله وقدّر أنه يوحي إليه بالرسالة ، وهو أربعون سنة (٦).
قوله تعالى : (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي)(٤٢)
قوله : (وَاصْطَنَعْتُكَ (٧) لِنَفْسِي) (أي اخترتك واصطفيتك افتعال من الصنع لوحيي ورسالتي. وأبدلت التاء طاء) (٨) ، لأجل حرف الاستعلاء (٩).
وهذا مجاز عن قرب منزلته ، ودنوه من ربه ، لأن أحدا لا يصطنع إلا من يختاره.
قال القفال : واصطنعتك أصله من قولهم : اصطنع فلان فلانا إذا أحسن إليه حتى
__________________
ـ نال الخلافة إذ كانت له قدرا |
|
كما أتى ربّه موسى على قدر |
والشاهد فيه أن قوله (على قدر) متعلق بمحذوف على أنه حال من موسى ، أي مستقرا أو كائنا على مقدار معين. وفيه شاهد آخر حيث احتج به الكوفيون على أنّ (أو) بمعنى الواو واستشهد به أيضا على جواز توسط المفعول المشتمل على ضمير الفاعل بين العامل والفاعل ، لأن الضمير وإن عاد على متأخر في اللفظ فهو متقدم في الرتبة ف (ربّه) مفعول توسط بين العامل (أتى) والفاعل (موسى) لاشتماله على ضمير يعود على (موسى) وقد تقدم.
(١) في ب : وأمر. وهو تحريف.
(٢) انظر البغوي ٥ / ٤٣١ ، والقرطبي ١١ / ١٩٨.
(٣) انظر البغوي ٥ / ٤٣١.
(٤) هو عبد الرحمن بن كيسان أبو بكر الأصم المعتزلي صاحب المقالات في الأصول له تفسير عجيب ، ومن تلامذته إبراهيم بن إسماعيل بن عبلة. طبقات المفسرين للداودي ١ / ٢٦٩ ، والفهرست ٣٤.
(٥) ما بين القوسين سقط من ب.
(٦) انظر البغوي ٥ / ٤٣١.
(٧) في ب : واصطفيتك. وهو تحريف.
(٨) ما بين القوسين سقط من ب.
(٩) التاء تبدل طاء باطراد في (افتعل) ، إذا كانت الفاء صادا ، أو ضادا ، أو طاء ، أو ظاء ، وذلك للتباعد بين التاء وبين هذه الحروف ، إذ التاء منفتحة منسفلة وهذه الحروف مطبقة مستعلية فأبدلوا من التاء أختها في المخرج ، وأخت هذه الحروف في الاستعلاء والإطباق وهي الطاء. فتقول في (افتعل) من الصّبر : اصطبر ومن الضّرب : اضطرب ومن الظهر : اظطهر ، ومن الطرد : اطّرد. فتدغم لأنك لما أبدلت التاء طاء اجتمع لك مثلان ، الأول منهما ساكن ، فأدغمت ولم تبدل التاء لأجل الإدغام ، بل للتباعد الذي بين الطاء والتاء كما فعلت ذلك مع الحروف الأخرى. انظر سر صناعة الإعراب ١ / ٢١٧ ـ ٢١٩ ، شرح الشافية ٣ / ٢٢٦ الممتع ١ / ٣٦٠ ـ ٣٦١.