يضاف إليه ، فيقال : هذا صنيع فلان وجريح فلان. وقوله : «لنفسي» أي : لأصرفك (١) في أوامري لئلا تشتغل إلا بما أمرتك به ، وهو إقامة حجتي وتبليغ رسالتي ، وأن تكون في حركاتك وسكناتك لي لا لنفسك ولا لغيرك (٢).
وقال الزجاج : اخترتك لأمري (٣) ، وجعلتك القائم بحجتي ، والمخاطب بيني وبين خلقي : كأني الذي أقمت عليهم الحجة وخاطبتهم (٤).
قوله : (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي)(٥) لما قال : (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) عقبه بذكر ما له اصطنعه ، وهو الإبلاغ والأداء. و«الياء» في «بآياتي» بمعنى (مع) (٦) ، لأنهما لو ذهبا إليه بدون آية معهما لم يلزمه الإيمان ، وذلك من أقوى الدلائل على فساد التقليد (٧).
قال ابن عباس : يعني الآيات التسع التي بعث الله بها موسى (٨). وقيل (٩) : إنها (١٠) العصا واليد ، لأنهما (١١) اللذان جرى ذكرهما في هذا الموضع ، ولم يذكر أنه ـ عليهالسلام (١٢) ـ أوتي قبل مجيئه إلى فرعون ، لا بعد مجيئه حتى لقي فرعون فالتمس منه آية غير هاتين الآيتين ، قال تعالى حكاية عن فرعون (إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ)(١٣) ، وقال : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ)(١٤).
فإن قيل : كيف يطلق لفظ الجمع على الاثنين؟
فالجواب من وجوه :
أحدها (١٥) : أن العصا كانت آيات ، انقلابها (١٦) حيوانا ، ثم إنها كانت في أول الأمر (١٧) صغيرة ، لقوله (١٨) تعالى : (تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ)(١٩) ثم كانت تعظم وهذه آية أخرى ، ثم إنه كانعليهالسلام يدخل يده في فمها فلم تضره وهذه آية أخرى (٢٠) ، ثم
__________________
(١) في الأصل : لأصرفنك.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٥٦.
(٣) في ب : لنفسي وأمري.
(٤) لم أعثر على ما قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ، وهو في البغوي ٥ / ٤٣١ ، ٤٣٢.
(٥) في ب : قوله تعالى : «اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا».
(٦) وهي التي تكون بمعنى المصاحبة انظر المغني ١ / ١٠٣.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٥٦.
(٨) انظر البغوي ٥ / ٤٣٢.
(٩) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٥٦ ـ ٥٧.
(١٠) في ب : هما.
(١١) في ب : ولأنهما.
(١٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٣) [الأعراف : ١٠٦ ، ١٠٧ ، ١٠٨].
(١٤) [القصص : ٣٢].
(١٥) في ب : الأول.
(١٦) في ب : لانقلابها. وهو تحريف.
(١٧) في ب : في أول الأمر كانت.
(١٨) في ب : بقوله. وهو تحريف.
(١٩) [النمل : ١٠][القصص : ٣١].
(٢٠) في ب : أخرى ثم إنها كانت تصير ثعبانا وهذه آية أخرى.