بقوله : (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ)(١) ، فكذا هاهنا بدأ موسى بقوله (أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا) ، وختم بقوله (أَوْ أَنْ يَطْغى) لما كان طغيانه في حق الله ـ تعالى ـ أعظم من إفراطه في حق موسى وهارون (٢).
قوله : (قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) لا تخافا مما عرض في قلبكما (٣) من الإفراط والطغيان ، لأن ذلك هو المفهوم من الكلام ، لأنه ـ تعالى ـ لم يؤمنهما من الرد ، ولا من التكذيب بالآيات ومعارضة السحرة (٤) وقوله : (إِنَّنِي مَعَكُما) أي : بالحراسة والحفظ وقوله : (أَسْمَعُ وَأَرى) قال ابن عباس : اسمع دعاءكما فأجيبه ، وأرى ما يراد بكما فأمنع لست بغافل عنكما فلا تهتما(٥).
وقال القفال : (قوله : أسمع وأرى» يحتمل أن يكون مقابلا لقوله (يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى) (يَفْرُطَ عَلَيْنا) بأن لا يسمع منّا (أَوْ أَنْ يَطْغى) بأن يقتلنا ، فقال الله تعالى : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ) كلامكما فأسخّره للاستماع منكما ، «وأرى» أفعاله فلا أتركه حتى يفعل بكما ما تكرهانه (٦) واعلم أن مفعول) (٧)(أَسْمَعُ وَأَرى) محذوف (٨) ، فقيل : تقديره : أسمع أقوالكما وأرى أفعالكما.
وعن ابن عباس : أسمع جوابه لكما (وأرى ما يفعل بكما (٩)) (١٠).
أو (١١) يكون من حذف الاقتصار ، نحو (يُحْيِي وَيُمِيتُ)(١٢).
قوله تعالى : (فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى (٤٧) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى)(٤٨)
قوله : «فأتياه» أعاد التكليف المتقدم فقال : «فأتياه فقولا له» (١٣) وذلك أنه (١٤) تعالى قال (١٥) أولا (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ)(١٦) وثانيا قال (١٧) : (اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ)(١٨)
__________________
(١) [النمل : ٢٤].
(٢) آخر ما نقله عن الفخر الرازي ٢٢ / ٦٠.
(٣) في الأصل : قلوبكما.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٦٠.
(٥) انظر البغوي ٥ / ٤٣٤.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٦٠.
(٧) ما بين القوسين سقط من ب.
(٨) في ب : هناك محذوف.
(٩) البحر المحيط ٦ / ٢٤٦.
(١٠) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(١١) في ب : و.
(١٢) قوله :«يُحْيِي وَيُمِيتُ» ورد في القرآن تسع مرات ، بداية من الآية (٢٥٨) من سورة البقرة انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن (٢٢٣).
وحذف الاقتصار هو أن لا يكون في الكلام دليل على الحذف ، انظر الهمع ١ / ١٥٢.
(١٣) له : سقط من الأصل.
(١٤) في ب : لأنه.
(١٥) قال : سقط من ب.
(١٦) [طه : ٢٤].
(١٧) قال : سقط من ب.
(١٨) [طه : ٤٢].