و«أوجس (فِي نَفْسِهِ خِيفَةً) وأوجس (١) : أضمر في نفسه خوفا. (وقيل : وجد في نفسه خيفة) (٢).
فإن قيل : كيف استشعر الخوف وقد (٣) عرض عليه المعجزات الباهرة كالعصا واليد ، فجعل العصا حيّة عظيمة ، ثم إنه تعالى أعادها لما كانت ، ثم أعطاه الاقتراحات الثمانية ، وذكر ما أعطاه قبل ذلك من المنن وقال له بعد ذلك كله : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى)(٤) ، فمع هذه المقدمات الكثيرة كيف وقع الخوف في قلبه؟
فالجواب من وجوه :
أحدها : قال الحسن : إن ذلك الخوف إنما (٥) كان لطبع البشرية من ضعف القلب (٦) وإن كان قد علم موسى أنهم لا يصلون إليه وأن الله ناصره.
والثاني : قال مقاتل : خاف على القوم أن يلتبس عليهم الأمر فيشكوا في أمره ، فيظنون أنهم قد ساووا موسى ـ عليهالسلام (٧) ـ ويؤكده قوله تعالى : (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى)(٨).
الثالث : خاف حيث بدأوا (٩) وتأخر إلقاؤه أن ينصرف بعض القوم قبل مشاهدة ما يلقيه ، فيدوموا على اعتقاد الباطل.
الرابع : لعلّه ـ عليهالسلام (١٠) ـ كان مأمورا بأن لا يفعل شيئا إلا بالوحي ، فلما (١١) تأخر نزول الوحي في ذلك الجمع بقي في الخجل.
الخامس : لعله ـ عليهالسلام (١٢) ـ خاف من أنه لو أبطل سحرهم ، فلعلّ فرعون قد أعد (١٣) أقواما آخرين فيحتاج مرة أخرى إلى إبطال سحرهم وهلم جرّا ، فلا يظهر له مقطع وحينئذ لا يتم الأمر ولا يحصل المقصود (١٤).
فصل
اختلفوا في عدد السحرة ، فقال الكلبي : كانوا اثنين وسبعين ساحرا ، اثنان من القبط ، وسبعون (١٥) من بني إسرائيل ، أكرههم فرعون على ذلك مع كل واحد منهم عصا وحبل.
__________________
(١) وأوجس : سقط من ب.
(٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(٣) في ب : وهو. وهو تحريف.
(٤) [طه : ٤٦].
(٥) في ب : وإنما. وهو تحريف.
(٦) القلب : سقط من الأصل.
(٧) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٨) من الآية (٦٨) من السورة نفسها.
(٩) في ب : بدأه.
(١٠) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١١) في الأصل : فلو. وهو تحريف.
(١٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٣) في ب : أوعد. وهو تحريف.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٨٤.
(١٥) في الأصل : وسبعين. وهو تحريف.