تحرسه عصان ، فقالوا لفرعون : إن هذا ليس بسحر ، إن الساحر إذا نام بطل سحره فأبى عليهم إلا أن يعارضوه.
وقال الحسن : إن السحرة جروا (١) من المدائن ليعارضوا موسى فأحضروا بالحشر وكانوا مكرهين في الحضور لقوله : (وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ)(٢)
وقال عمرو بن عبيد (٣) : دعوة السلطان إكراه. وهذا ضعيف ، لأن دعوة السلطان إذا لم يكن معها خوف لم تكن إكراها. ثم قالوا : (وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى) قال محمد بن إسحاق : خير منك ثوابا ، وأبقى عقابا لمن عصاه.
وقال محمد بن كعب : خير منك إن أطيع وأبقى عذابا منك إن عصي (٤).
(وهذا جواب لقوله : (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى)(٥).
قوله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى)(٧٦)
قوله : (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً) قيل : هذا ابتداء كلام من الله تعالى وقيل : من (٦) تمام قول السحرة (٧) ختموا كلامهم بشرح أحوال المجرمين وأحوال المؤمنين في عرصة القيامة. والهاء في «إنّه» ضمير الشأن (٨) ، والجملة الشرطية خبرها ، و«مجرما» حال من فاعل «يأت». وقوله : (لا يَمُوتُ) يجوز أن يكون حالا من الهاء في «له» وأن يكون حالا
__________________
(١) في ب : خرجوا.
(٢) [الشعراء : ٣٦ ، ٣٧].
(٣) هو عمرو بن عبيد التميمي ، مولاهم أبو عثمان البصري ، رأس المعتزلة على زهده ، كان المنصور يعتقد صلاحه ، أخذ عن أبي العالية ، والحسن ، وأخذ عنه الحمّادان ، والقطّان ، مات سنة ١٤٤ ه. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٢ / ٢٩١.
(٤) في ب : قال محمد بن كعب : خير منك ثوابا. وقال محمد بن إسحاق خير منك ثوابا وأبقى عقابا لمن عصاه.
(٥) ما بين القوسين سقط من ب.
(٦) في ب : هذا من.
(٧) انظر البغوي ٥ / ٤٤٥.
(٨) ضمير الشأن مرجعه متأخر لفظا ورتبة ، وهو مخالف للقياس من خمسة أوجه :
أحدها : عوده على ما بعده لزوما.
والثاني : أن مفسره لا يكون إلا جملة ، ولا يشاركه في هذا ضمير.
والثالث : أنه لا يتبع بتابع ، فلا يؤكد ، ولا يعطف عليه ، ولا يبدل منه.
والرابع : أنه لا يعمل فيه إلا الابتداء أو أحد نواسخه.
والخامس : أنه ملازم للإفراد فلا يثنى ولا يجمع وإن فسر بحديثين أو أحاديث. ينظر هذا في المغني ٢ / ٤٩٠ ـ ٤٩١. وانظر التبيان ٢ / ٨٩٨.