فعنده أنّ حلّ متعد بنفسه ، لأنه من الإحلال كما صرح هو به (١) ، وإذا كان من الإحلال تعدّى لواحد ، وذلك المتعدي إليه إما «غضبي» (على أن الفاعل) (٢) ضمير (٣) عائد على الطغيان كما قدّره ، وإما محذوف والفاعل (٤) «غضبي» ، وفي عبارته قلق (٥). وقرأ طلحة «لا يحلن عليكم» بلا الناهية وكسر الحاء وفتح اللام من يحللن (٦) ونون التوكيد المشددة (٧) ، أي : لا تتعرضوا للطغيان فيحق عليكم غضبي ، وهو من باب لا أرينّك هاهنا (٨).
وقرأ زيد بن علي «ولا تطغوا» بضم الغين (٩) من طغى يطغو كغزا يغزو (١٠).
وقوله : «فيحلّ» يجوز أن يكون مجزوما عطفا على (لا تَطْغَوْا) كذا قال أبو البقاء (١١).
وفيه نظر ، إذ المعنى ليس على نهي الغضب أن يحلّ بهم.
والثاني : أنه منصوب بإضمار (أن) في جواب النهي ، وهو (١٢) واضح (١٣).
فصل
اعلم أن الله تعالى لمّا أنعم على قوم موسى ـ عليهالسلام (١٤) ـ بأنواع النعم ذكرهم ، ولا شك أنّ إزالة الضرر يجب تقديمه على إيصال المنفعة ، وإيصال المنفعة الدينية أعظم من إيصال المنفعة الدنيوية ، فلهذا بدأ تعالى بإزالة الضرر بقوله : (أَنْجَيْناكُمْ
__________________
(١) لأنه قال قبل قوله : إنه مفعول به : (فيحلّ بضم الياء وكسر الحاء من الإحلال فهو متعد من حلّ بنفسه والفاعل فيه مقدر ترك لشهرته ..) البحر المحيط ٦ / ٢٦٥.
(٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(٣) في ب : لأن الضمير. وهو تحريف.
(٤) في ب : والفاعل على. وهو تحريف.
(٥) الدر المصون ٥ / ٣٥. والقلق الذي في عبارة صاحب اللوامح هو قوله : (وقد يحذف المفعول للدليل عليه وهو العذاب ونحوه) فمعنى هذا أنّ (غضبي) فاعل (يحلّ) والمفعول محذوف ، فكلامه هذا يتعارض مع قوله : ولا يجوز أن يسند إلى «غضبي» فيصير في موضع رفع بفعله.
وفي البحر المحيط : «وقد يجوز» وهو ما يزيل القلق الذي رآه شهاب الدين انظر البحر المحيط ٦ / ٢٦٥.
(٦) تقدّم.
(٧) البحر المحيط ٦ / ٢٦٥.
(٨) تقدّم.
(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٢٦٥.
(١٠) أي أنّ أصل لامه واو ، قال ابن منظور : الأزهري : الليث : الطغيان والطغوان لغة فيه ، والطغوى بالفتح مثله. والفعل طغوت وطغيت ، والاسم الطغوى ، ابن سيده : طغى يطغى طغيا ويطغو طغيانا جاوز الحد وارتفع وعلا في الكفر. اللسان (طغى).
(١١) فيكون نهيا. انظر التبيان ٢ / ٨٩٩.
(١٢) في ب : هو. وهو تحريف.
(١٣) فالنصب ب «أن» مضمرة بعد الفاء الواقعة في جواب النهي. ويرى الكوفيون أنّ النصب بالفاء نفسها.
الإنصاف ٢ / ٥٥٧.
(١٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.