مهاجر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقبره ، فقال إني وجدت في كتاب الله المنزل يا أمير المؤمنين أنّ الشام كنز الله من أرضه وبها كنزه من عباده (١).
وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : «إنها ستكون هجرة بعد هجرة فخيار الناس إلى مهاجر إبراهيم» (٢) قوله : «ولوطا» يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون معطوفا على المفعول قبله (٣).
والثاني : أن يكون مفعولا معه. والأول أولى.
وقوله : (إِلَى الْأَرْضِ) يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلق ب «نجّيناه» على أن يتضمن معنى أخرجناه بالنجاة فلما ضمن معنى أخرج تعدى تعديته (٤).
والثاني : أنه لا تضمين (٥) فيه وأنّ حرف الجر يتعلق بمحذوف على أنه حال من الضمير في «نجّيناه» أي : نجيناه منتهيا إلى الأرض كذا قدره أبو حيان (٦) وفيه نظر من حيث إنه قدر كونا مقيدا وهو كثيرا ما يردّ على الزمخشري وغيره (٧) ذلك.
فصل
اعلم أنّ لوطا (٨) آمن بإبراهيم كما قال تعالى (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ)(٩) وكان ابن أخيه ، وهو لوط بن هاران بن تارخ ، وهاران هو أخو إبراهيم ، وكان لهما أخ ثالث يقال له (١٠) ناخور بن تارخ ، وآمنت به أيضا سارة ، وهي بنت عمه ، وهي سارة بنت هاران الأكبر عم إبراهيم فخرج من كوشى (١١) من أرض حدود بابل بالعراق مهاجرا إلى ربه ومعه لوط وسارة ، فخرج يلتمس الفرار بدينه والأمان على عبادة ربه حتى نزل حرّان (١٢) فمكث بها
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢ / ٨٤ ، ١٩٩ ، وانظر النهاية في غريب الحديث ٥ / ٢٤٤ المهاجر : بفتح الجيم موضع المهاجرة ، ويريد به الشام ، لأن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ لما خرج من أرض العراق مضى إلى الشام وأقام به.
(٣) انظر إعراب القرآن للنحاس ٣ / ٧٤.
(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩.
(٥) في ب : لا يتضمن. وهو تحريف.
(٦) البحر المحيط ٦ / ٣٢٩.
(٧) في ب : وغير.
(٨) في ب : لوط. وهو تحريف.
(٩) من قوله تعالى : «فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» [العنكبوت : ٢٦].
(١٠) له : سقط من الأصل.
(١١) كوثى : في ثلاثة مواضع : بسواد العراق في أرض بابل ، وبمكة ، وهو منزل بني عبد الدار خاصة ، ثم غلب على الجميع. معجم البلدان ٤ / ٤٨٧ ـ ٤٨٨.
(١٢) حرّان : مدينة قديمة في تركيا ما بين النهرين موطن إبراهيم الخليل بعد هجرتة. المنجد في الأعلام (٢١٤).