ما شاء الله ، ثم ارتحل منها ونزل أرض (١) السبع (٢) من فلسطين وهي برية الشام ، ثم خرج منها مهاجرا حتى قدم مصر ، ثم خرج من مصر إلى (٣) الشام ، ونزل لوط بالمؤتفكة ، وهي من السبع على مسيرة يوم وليلة وأقرب ، وبعثه الله نبيا ، فذلك قوله : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ)(٤).
قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ)(٧٣)
قوله : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً). قال مجاهد وعطاء : النافلة العطية وكذل النفل ، ويسمى الرجل الكثير العطاء نوفلا (٥).
وقيل : الزيادة (٦). وقيل : ولد الولد (٧).
فعلى الأول ينتصب انتصاب المصدر من معنى العامل وهو «وهبنا» لا من لفظه لأنّ الهبة والإعطاء متقاربان فهي كالعاقبة والعافية (٨). وعلى الآخرين ينتصب على الحال (٩) ، والمراد بها يعقوب. والنافلة مختصة بيعقوب على كل تقدير ، لأنّ إسحاق ولده لصلبه ، وهذا قول ابن عباس وأبيّ بن كعب وابن زيد وقتادة (١٠).
قوله : «وكلّا» مفعول أول ل «جعلنا» (١١) و«صالحين» هو الثاني توسط العامل بينهما ، والأصل : وجعلنا أي : صيرنا كلّا من إبراهيم ومن ذكر معه صالحين. وقوله : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً) كما تقدم(١٢) إلا أنه لم يتوسط العامل.
وقوله : «يهدون» صفة ل «أئمة» و«بأمرنا» متعلق ب «يهدون» وقد تقدم التصريف المتعلق بلفظ «أئمّة» وقراءة القراء فيها (١٣).
فصل
المعنى : «وكلا» من إبراهيم وإسحاق ويعقوب (جَعَلْنا صالِحِينَ).
__________________
(١) في ب : بأرض.
(٢) السبع : سقط من ب.
(٣) في ب : يريد.
(٤) انظر البغوي ٥ / ٥٠١.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٩٠ ، البحر المحيط ٦ / ٣٢٩.
(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٢٩.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٩٠ ، البحر المحيط ٦ / ٣٢٩.
(٨) انظر التبيان ٢ / ٩٢٢ ، البحر المحيط ٦ / ٣٢٩.
(٩) المرجعان السابقان.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٣٣ / ١٩٠.
(١١) انظر التبيان ٢ / ٩٢٢.
(١٢) من أنّ «هم» مفعول أول ل «جعلنا» و«أئمّة» مفعول ثان.
(١٣) عند قوله تعالى : «وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ» [التوبة : ١٢].