في البيت ، فتسور منها (١) ودق الباب من داخل ، فاستيقط وعاتب البواب ، فقال : أما من قبلي فلم يأت ، فانظر من أين أتيت ، فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه ، وإذا الرجل معه في البيت ، فقال له : أتنام والخصوم ببابك. فقال : أنت إبليس. قال : نعم أعييتني في كل شيء ففعلت هذه الأفعال بك ، فعصمك الله مني ، فسمي ذا الكفل ، لأنه تكفل بأمر فوفى به ، وقيل غير ذلك (٢).
فصل
(٣) قال أبو موسى الأشعري (٤) ومجاهد : ذو الكفل لم يكن نبيا بل كان عبدا صالحا. وقال الحسن والأكثرون كان نبيا ، وهو الأظهر ، لأنه تعالى قرن ذكره بإسماعيل وإدريس ، والغرض ذكر الفضلاء من عباده ، فدلّ ذلك على نبوته ، ولأن السورة ملقبة بسورة الأنبياء ، ولأنّ قوله : «دو الكفل» يحتمل أن يكون لقبا ، وأن يكون اسما ، والأولى أن يكون اسما ، لأنه أكثر فائدة من اللقب ، وإذا ثبت ذلك ، فالكفل هو النصيب ، لقوله تعالى (يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها)(٥). والظاهر أنّ الله تعالى سماه بذلك تعظيما له ، فوجب أن يكون الكفل هو كفل الثواب ، فسمي بذلك ، لأن عمله وثواب عمله كان ضعف عمل غيره وضعف ثواب غيره ، وقد كان في زمنه أنبياء على ما روي.
فصل (٦)
قيل : إن ذا (٧) الكفل زكريا. وقيل : يوشع. وقيل : إلياس. ثم قالوا : خمسة من الأنبياء ـ عليهمالسلام (٨) ـ سماهم الله باسمين إسرائيل ويعقوب ، وإلياس وذا الكفل ، وعيسى والمسيح ، ويونس وذا النون ، ومحمدا وأحمد.
قوله : (كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ) أي : على القيام بأمر الله ، واحتمال الأذى في نصرة دينه. (وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا) قال مقاتل : الرحمة النبوة ، وصيرهم إلى الجنة والثواب. وقال آخرون : يتناول جميع أعمال (٩) البر.
__________________
(١) تسور الحائط : تسلقه. اللسان (سور).
(٢) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢١٠ ـ ٢١١.
(٣) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢١١ بتصرف.
(٤) هو عبد الله بن قيس بن سليمان ، الأشعري أبو موسى ، أخذ عنه ابن المسيب وأبو وائل ، وأبو عثمان النهدي ، وغيرهم ، قيل : إنه مات سنة ٤٢ ه.
خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٢ / ٨٩.
(٥) [النساء : ٨٥].
(٦) هذا الفصل نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٢١١ ـ ٢١٢.
(٧) في ب : ذوا. وهو تحريف.
(٨) في ب : عليهم الصلاة والسلام.
(٩) أعمال : سقط من ب.