والقراءات المذكورة في السجل كلها لغات فيه (١).
وقرأ الأخوان (٢) وحفص «للكتب» جمعا. والباقون «للكتاب» مفردا (٣). والرسم يحتملهما فالإفراد يراد به الجنس والجمع للدلالة على الاختلاف ، والمعنى المكتوبات ، أي : لما يكتب فيه من المعاني الكثيرة. فيكون معنى طي السجل للكتابة ، كون السجل ساترا (٤) لتلك الكتابة ومخفيا لها ، لأنّ الطي هو الدرج ضد النشر الذي يكشف. قوله : «كما بدأنا» في متعلق هذه الكاف وجهان :
أحدهما : أنها متعلقة ب «نعيده» ، و«ما» مصدرية ، و«بدأنا» صلتها ، فهي وما في حيزها في محل جر بالكاف. و (أَوَّلَ خَلْقٍ) مفعول «بدأنا» ، والمعنى : نعيد أوّل خلق إعادة مثل بدأتنا (٥) له ، أي : كما أبرزناه من العدم إلى الوجود نعيده من العدم إلى الوجود (٦) وإلى هذا نحا أبو البقاء فإنه قال : الكاف نعت لمصدر محذوف أي : نعيده عودا كمثل بدئه (٧).
وفي قوله : عودا نظر إذ الأحسن أن يقول : إعادة (٨).
والثاني : أنّها تتعلق (٩) بفعل مضمر. قال الزمخشري : ووجه آخر ، وهو أن ينتصب الكاف بفعل مضمر يفسره «نعيده» و«ما» موصولة ، أي : نعيد مثل الذي بدأنا نعيده و«أوّل خلق» ظرف ل «بدأنا» أي : أول ما خلق ، أو حال من ضمير الموصول الساقط من اللفظ الثابت في المعنى (١٠). قال أبو حيّان : وفي تقديره (١١) تهيئة «بدأنا» لأن ينصب (أَوَّلَ خَلْقٍ) على المفعولية وقطعه عنه من غير ضرورة تدعو إلى ذلك ، وارتكاب إضمار (نعيد) مفسرا ب «نعيده» وهذه عجمة في كتاب الله ، وأما قوله : ووجه آخر وهو أن ينتصب الكاف بفعل مضمر يفسره «نعيده» فهو ضعيف جدا ، لأنه مبني على أن الكاف اسم لا حرف ، وليس مذهب الجمهور ، وإنما ذهب إلى ذلك الأخفش ، وكونها اسما عند البصريين مخصوص بالشعر (١٢).
__________________
(١) انظر التبيان ٢ / ٩٢٩ ، اللسان (سجل).
(٢) حمزة والكسائي.
(٣) السبعة ٤٣١ ، الكشف ٢ / ١١٤ ، النشر ٢ / ٣٢٥ ، الإتحاف ٣١٢.
(٤) في ب : ساتر.
(٥) في ب : بدتنا. وهو تحريف.
(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٤٣.
(٧) التبيان ٢ / ٩٢٩.
(٨) لأنه مصدر (أعاد).
(٩) في ب : متعلق. وهو تحريف.
(١٠) وتقديره : بدأناه. الكشاف ٣ / ٢٢.
(١١) قال الزمخشري :(«أَوَّلَ خَلْقٍ» مفعول نعيد الذي يفسره «نعيده» والكاف مكفوفة بما ، والمعنى نعيد أول الخلق كما بدأناه تشبيها للإعادة بالإبداء في تناول القدرة لهما على السواء) الكشاف ٣ / ٢٢.
(١٢) الكاف تقع اسما في ضرورة الشعر عند سيبويه والمحققين ، فتجر بالحرف نحو قول الشاعر :
بيض ثلاث كنعاج جمّ |
|
ضحكن عن كالبرد المنهمّ |
وبالإضافة كقوله : ـ