مفرد ، ثم قال : وحذف حرف النداء فيما يكون وصفا ل (أيّ) بعيد بابه الشعر (١). قال شهاب الدين : وليس هذا من المنادى المفرد ، بل نصّ بعضهم على أن هذه بعض اللغات الجائزة في المضاف إلى ياء المتكلم حال ندائه (٢). وقرأ العامة «احكم» على صورة الأمر.
وقرأ ابن عباس وعكرمة وابن يعمر «ربّي» بسكون الياء «أحكم» أفعل تفضيل ، فهما مبتدأ وخبر (٣). وقرىء «أحكم» بفتح الميم كأكرم على أنه فعل ماض في محل خبر أيضا ل «ربّي» (٤) وقرأ العامة «تصفون» بالخطاب (٥).
وقرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أبيّ ـ رضي الله عنه ـ «يصفون» بالياء من تحت وهي مروية أيضا عن عاصم وابن عامر (٢) ، والغيبة والخطاب واضحان.
فصل
المعنى : رب اقض بيني وبين قومي بالحق أي : بالعذاب ، والحق ههنا العذاب ، نظيره : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ)(٦) فلا جرم حكم الله تعالى عليهم بالقتل يوم بدر (٧). وقال أهل المعاني : رب احكم بحكمك الحق فحذف الحكم وأقيم الحق مقامه (٨). والله يحكم بالحق طلب أو لم يطلب ، ومعنى الطلب : ظهور الرغبة من الطالب للحق (٩). وقيل : المعنى : افصل بيني وبينهم بما يظهر الحق للجميع ، وهو أن تنصرني عليهم (١٠). (وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) من الكذب والباطل. وقيل : كانوا يطمعون أن يكون لهم الشوكة والغلبة ، فكذب الله ظنونهم ، وخيب آمالهم ، ونصر رسوله والمؤمنين(١١).
فصل
روي عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) حاسبه الله حسابا يسيرا وصافحه وسلم عليه كل نبي ذكر اسمه في القرآن» (١٢).
تمّ الجزء الثّالث عشر ، ويليه الجزء الرّابع عشر
وأوّله : تفسير سورة الحج
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٤٥.
(٢) الدر المصون : ٥ / ٦٢.
(٣) فيكون قوله «ربّي» على هذه القراءة في موضع رفع. المختصر (٩٣) ، المحتسب ٢ / ٧١ ، التبيان ٢ / ٩٣٠ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٥.
(٤) المختصر (٩٣) ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٥.
(٥) السبعة (٤٣٢) ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٥.
(٢) الدر المصون : ٥ / ٦٢.
(٦) من قوله تعالى :«رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ» [الأعراف : ٨٩].
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤.
(٨) انظر القرطبي ١١ / ٣٥١.
(٩) انظر البغوي ٥ / ٥٤٥.
(١٠) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٢٣٤.
(١١) المرجع السابق.
(١٢) أخرجه ابن حجر العسقلاني في الكافي الشاف ، والثعلبي وابن مردويه من حديث أبيّ بن كعب.
الكافي الشاف (١١٢).