تحت لأن التأنيث مجازي. ومتعلق العقل (١) محذوف أي : ما حل بالأمم السالفة (٢). ثم قال : (قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها) أي : يعلمون بها ، وهذا يدل على أن العقل (٣) العلم ، وعلى أن محل العلم هو القلب ، لأنه جعل القلب آلة لهذا العقل ، فيكون القلب محلا للعقل ، ولهذا سمي الجهل بالعمى ، لأن الجاهل لكونه متحيرا يشبه الأعمى (٤). ثم قال (٥) : (أَوْ (٦) آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) أي : ما يذكر لهم من أخبار القرون الماضية يعتبرون بها.
قوله : (فَإِنَّها لا تَعْمَى) الضمير للقصة ، و (لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) مفسرة له ، وحسن التأنيث في الضمير كونه وليه فعل بعلامة تأنيث ، ولو ذكر في الكلام فقيل : «فإنه» لجاز ، وهي قراءة مروية عن عبد الله بن مسعود (٧) ، والتذكير باعتبار الأمر والشأن. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ضميرا مبهما يفسره «الأبصار» وفي «تعمى» ضمير راجع إليه (٨).
قال أبو حيان : وما ذكره لا يجوز ، لأن الذي يفسره ما بعده محصور وليس هذا واحدا منه وهو في باب (ربّ) ، وفي باب نعم وبئس ، وفي باب الإعمال ، (وفي باب البدل) (٩) ، وفي باب المبتدأ والخبر على خلاف في بعضها ، وفي باب ضمير الشأن ، والخمسة الأول تفسر بمفرد إلا ضمير الشأن فإنه يفسر بجملة (١٠) ، وهذا ليس واحدا من الستة (١١).
قال شهاب الدين : بل (١٢) هذا من المواضع المذكورة ، وهو باب المبتدأ غاية ما في ذلك أنه دخل عليه ناسخ وهو «إنّ» فهو نظير قولهم : هي العرب تقول ما شاءت ، و :
٣٧٧٣ ـ هي النّفس تحمل ما حمّلت (١٣)
وقوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا)(١٤) وقد جعل الزمخشري جميع ذلك مما يفسر بما بعده ، ولا فرق بين الآية الكريمة وبين هذه الأمثلة إلا دخول الناسخ ، ولا أثر له ، وعجيب من غفلة الشيخ عن ذلك (١٥).
قوله : (الَّتِي فِي الصُّدُورِ) صفة أو بدل أو بيان ، وهل هو توكيد كقوله : (يَطِيرُ
__________________
(١) في ب : الفعل. أي : متعلق «يعقلون».
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٧٨.
(٣) في ب : القعل. وهو تحريف.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٤٦.
(٥) ثم : سقط من ب.
(٦) في النسختين : و. وهو تحريف.
(٧) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٧٨.
(٨) الكشاف ٣ / ٣٦.
(٩) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٠) انظر المغني ٣ / ٤٨٩ ـ ٤٩٣ ، الهمع ١ / ٦٥ ـ ٦٧.
(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٧٨.
(١٢) في ب : بلى.
(١٣) في المغني : تحمل. والشاهد في هذين القولين أن الضمير مبتدأ مفسر بالخبر وهو من المواضع التي يكون مفسر الضمير فيها مؤخرا. انظر المغني ٢ / ٤٨٩ ، الهمع ١ / ٦٦.
(١٤) الدنيا : سقط من ب. [الأنعام : ٢٩] ومن [المؤمنون : ٣٧].
(١٥) الدر المصون : ٥ / ٧٧.