وأيضا فإن جواب الاستفهام ينعقد منه مع الاستفهام السابق شرط وجزاء كقوله :
٣٧٧٥ ـ ألم تسأل فتخبرك الرّسوم (١)
يتقدر : إن تسأل تخبرك الرسوم ، وهنا لا يتقدر : إن تر إنزال المطر تصبح الأرض مخضرة ، لأن اخضرارها ليس مترتبا على علمك أو رؤيتك إنما هو مترتب على الإنزال.
وإنما عبر بالمضارع ، لأن فيه تصوير الهيئة (٢) التي (٣) الأرض عليها والحالة التي لابست الأرض ، والماضي يفيد انقطاع الشيء ، وهذا كقول جحدر بن معاوية يصف حاله مع أسد نازله في قصة جرت له مع الحجاج بن يوسف الثقفي ، وهي أبيات فمنها :
٣٧٧٦ ـ يسمو بناظرتين تحسب فيهما |
|
لما أجالهما شعاع سراج |
لما نزلت بحصن أزبر مهصر |
|
للقرن أرواح العدا محّاج |
فأكرّ أحمل وهو يقعي باسته |
|
فإذا يعود فراجع أدراج |
وعلمت أنّي إن أبيت نزاله |
|
أنّي من الحجّاج لست بناج (٤) |
فقوله : فأكرّ تصوير للحالة التي لابسها (٥). قال شهاب الدين : أما قوله : وأيضا فإن جواب الاستفهام ينعقد مع الاستفهام. إلى قوله : إنما هو مترتب على الإنزال. منتزع من كلام أبي البقاء. قال أبو البقاء : إنما رفع الفعل هنا وإن كان قبله استفهام لأمرين :
أحدهما : أنه استفهام بمعنى الخبر ، أي قدر رأيت فلا يكون له جواب.
والثاني : أن ما بعد الفاء ينصب إذا كان المستفهم عنه سببا له ، ورؤيته لإنزال الماء لا يوجب اخضرار الأرض ، وإنما يجب على الماء (٦). وأما قوله : وإنما عبر بالمضارع. فهو معنى كلام الزمخشري بعينه ، وإنما غير عبارته وأوسعها (٧).
__________________
(١) صدر بيت من بحر الوافر ، ولم يعز إلى قائل ، وعجزه :
على فرتاج والطّلل القديم
والبيت من شواهد سيبويه وهو في الكتاب ٣ / ٣٤ ، وشرح أبيات سيبويه للنحاس (٢٩٢) ، اللسان (فرتج) ، البحر المحيط ٦ / ٣٨٦ ورواية اللسان : ألم تسألي فتخبرك. الفرتاج : موضع في بلاد طيىء.
والشاهد فيه نصب الفعل المضارع بعد الفاء لأنه جواب الاستفهام ، ولأن جواب الاستفهام ينعقد منه مع الاستفهام السابق شرط وجزاء.
(٢) في ب : الهية ، وهو تحريف.
(٣) في ب : التي هي.
(٤) هذه الأبيات من بحر الكامل ، قالها جحدر بن مالك ، في الخزانة ٧ / ٤٦٥ البيت الأول رواية عجزه : من ظن خالهما شعاع سواج. والشاهد فيها كما بينه ابن عادل أن قوله (فأكر) تصوير للحالة التي لابسها.
(٥) البحر المحيط ٦ / ٣٨٦.
(٦) التبيان ٢ / ٩٤٧.
(٧) الدر المصون : ٥ / ٨٠.