عطفا على محل اسم «إن» عند من يجيز ذلك (١) نحو إن زيدا وعمرو قائمان ، وعلى هذا ف «تجري» حال أيضا (٢) والباء في «بأمره» للسببية.
فصل (٣)
وكيفية تسخيره الفلك هو من حيث سخر الماء والرياح تجريها ، فلو لا صفتها على ما هما عليه لما جرت بل كانت تغوص (٤) أو تقف فنبه تعالى على نعمته بذلك ، وبأن خلق ما تعمل منه السفن ، وبأن بين كيف تعمل ، وقال : «بأمره» لما كان تعالى هو المجري لها (٥) بالرياح نسب ذلك إلى أمره توسعا ، لأن ذلك يفيد (تعظيمه بأكثر مما يفيد) (٦) لو أضافه إلى فعله على عادة الملوك في مثل هذه اللفظة (٧).
قوله : (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ) (في «أن تقع») (٨) ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها في محل نصب أو جر لأنها على حذف حرف الجر تقديره من أن تقع (٩).
الثاني : أنها في محل نصب فقط لأنها بدل من «السماء» بدل اشتمال أي ويمسك وقوعها بمنعه(١٠).
الثالث : أنها في محل نصب على المفعول من أجله ، فالبصريون يقدرون كراهة أن تقع ، والكوفيون لئلا تقع (١١).
قوله : (إِلَّا بِإِذْنِهِ) في هذا الجار وجهان :
أحدهما : أنه متعلق ب «تقع» أي : إلا بإذنه فتقع (١٢).
والثاني : أنه متعلق ب «يمسك».
قال ابن عطية : ويحتمل أن يعود قوله : (إِلَّا بِإِذْنِهِ) على الإمساك ، لأن الكلام يقتضي بغير عمد ونحوه ، كأنه أراد إلا بإذنه فيه نمسكها (١٣). قال أبو حيان : ولو كان
__________________
(١) وهم الكوفيون ، فهم يجوزون العطف على محل اسم (إن) لأنهم لا يشترطون في العطف على المحل وجود المحرز أي الطالب لذلك المحل ، ولأن (إن) لم تعمل عندهم في الخبر شيئا ، بل هو مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخولها. والبصريون يمنعون العطف على محل اسم (إن) لأن بعضهم يشترط في العطف على المحل وجود المحرز ، ومن لم يشترط منهم ذلك يمنع إنّ زيدا وعمرو قائمان لتوارد عاملين إن والابتداء على معمول واحد وهو الخبر ، ويجيز إن زيدا قائم وعمرو. المغني ٢ / ٤٧٤ ، الهمع ٢ / ١٤١.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٨٧.
(٣) في الأصل : قوله. وهو تحريف.
(٤) في ب : لعوض. وهو تحريف.
(٥) في ب : لهما. وهو تحريف.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٦٤.
(٨) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(٩) انظر التبيان ٢ / ٩٤٨.
(١٠) انظر التبيان ٢ / ٩٤٨ ، البحر المحيط ٦ / ٣٨٧.
(١١) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٨٧.
(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٨٧.
(١٣) تفسير ابن عطية ١٠ / ٣١٥.