نظير أعطيت زيدا درهما. فزيد هو الفاعل ، لأنه آخذ للدرهم (١).
وقوله : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) المخصوص بالذم محذوف تقديره : وبئس المصير هي النار.
فصل
والمعنى : أن الذي ينالكم من النار أعظم مما ينالكم عند تلاوة هذه الآيات من الغضب والغم ، وهي النار وعدها الله الذين كفروا إذا ماتوا على كفرهم وبئس المصير هي.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)(٧٤)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) الآية لما بين أنهم يعبدون من دون الله ما لا حجة لهم به ولا علم ذكر (٢) هاهنا ما يدل على إبطال قولهم (٣).
قوله : (ضُرِبَ مَثَلٌ) قال الأخفش : ليس هذا (٤) مثل وإنما المعنى جعل الكفار لله مثلا (٥). قال الزمخشري (٦) : فإن قلت : الذي جاء به ليس مثلا ، فكيف سماه مثلا؟ قلت قد سميت الصفة والقصة الرائعة المتلقاة بالامتحان والاستغراب مثلا تشبيها لها ببعض الأمثال المسيرة لكونها مستغربة مستحسنة (٧). وقيل : معنى «ضرب» جعل ، كقولهم : ضرب السلطان البعث ، وضرب الجزية على أهل الذمة. ومعنى الآية : فجعل لي شبه وشبّه بي الأوثان ، أي : جعل المشركون الأصنام شركائي فعبدوها. وقيل : هو مثل من حيث المعنى ، لأنه ضرب مثل من يعبد الأصنام بمن يعبد ما لا يخلق (٨) ذبابا (٩). (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) أي : فتدبروه حق تدبره لأن نفس السماع لا ينفع ، وإنما ينفع بالتدبر(١٠)(١١).
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ) قرأ العامة «تدعون» بتاء الخطاب والحسن ويعقوب وهارون ومحبوب (١٢) عن أبي عمرو بالياء من تحت (١٣) وهو في كلتيهما مبني للفاعل (١٤).
__________________
(١) الدر المصون ٥ / ٨١.
(٢) في ب : وذكر.
(٣) الفخر الرازي ٢٣ / ٦٨.
(٤) في ب : هنا. وهو تحريف.
(٥) النص بلفظه من البحر المحيط ٦ / ٣٩٠ ، وهو ملخص ما قاله الأخفش في معاني القرآن ٢ / ٦٣٧.
(٦) في ب : وقال.
(٧) الكشاف ٣ / ٤٠.
(٨) في الأصل : يلحق. وهو تحريف.
(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٩٠.
(١٠) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٩٠.
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٦٩.
(١٢) هو محمد بن الحسن بن هلال بن محبوب ، أبو بكر محبوب وهو لقبه ، البصري.
روى القراءة عن شبل بن عباد ، ومسلم بن خالد ، وأبي عمرو بن العلاء ، روى القراءة عنه محمد بن يحيى القطعي ، وخلف بن هشام ، وغيرهما. طبقات القراء ٢ / ١٢٣.
(١٣) البحر المحيط ٦ / ٣٩٠ ، والإتحاف ٣١٧.
(١٤) البحر المحيط ٦ / ٣٩٠. والضمير للكفار.