وموسى الأسواري (١) واليماني «يدعون» بالياء من أسفل مبنيا للمفعول (٢). والمراد الأصنام. فإن قيل : قول «ضرب» يفيد فيما مضى ، والله تعالى هو المتكلم بهذا الكلام ابتداء فالجواب : إذا كان ما يورد من الوصف معلوما من قبل جاز ذلك فيه ، ويكون ذكره بمنزلة إعادة أمر تقدم (٣).
قوله : (لَنْ يَخْلُقُوا). جعل الزمخشري نفي «لن» للتأبيد (٤) وتقدم البحث معه في ذلك(٥). والذباب معروف ، وهو واحد ، وجمعه القليل : أذبّه ، وفيه الكسرة ، ويجمع على ذبّان وذبّان (٦) بكسر الذال وضمها وعلى (٧) ذبّ (٨). والمذبّة ما يطرد بها الذباب (٩). وهو اسم جنس واحدته ذبابة تقع للمذكر والمؤنث فتفرد بالوصف.
قوله : (وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) قال الزمخشري : نصب على الحال كأنه قال يستحيل خلقهم الذباب حال اجتماعهم لخلقه وتعاونهم عليه فكيف حال انفرادهم (١٠). وقد تقدم أن هذه الواو عاطفة هذه (١١) الجملة الحالية على حال محذوفة ، أي : انتفى خلقهم الذباب على كل حال ولو في هذه الحالة المقتضية (١٢) لخلقهم ، فكأنه تعالى قال : إن هذه الأصنام لو اجتمعت لا تقدر على خلق ذبابة على ضعفها فكيف يليق بالعاقل جعلها معبودا (١٣).
__________________
(١) لم أجد له ترجمة فيما رجعت إليه من مراجع.
(٢) المختصر (٩٦) ، البحر المحيط ٦ / ٣١٧. والضمير للأصنام.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٦٩.
(٤) اتفق النحويون على أن (لن) تفيد النفي والاستقبال ، بمعنى أنها تنفي الفعل المضارع وتخلصه للاستقبال ، فينفى بها ما أثبت مع حرف التنفيس ، فيقال (لن يقوم) في نفي : (سيقوم) أو (سوف يقوم) ، قال سيبويه : و (لن) وهي نفي لقوله سيفعل ، الكتاب ٤ / ٢٢٠ ، وقال المبرد : (ومن هذه الحروف (لن) وهي نفي قولك : سيفعل) المقتضب ٢ / ٦ وهنا ابن عادل تابع غيره في أن (لن) تفيد التأبيد فقد نسب ابن مالك للزمخشري في الأنموذج بأنها تفيد التأبيد (شرح الكافية الشافية ٤ / ١٥٣١) وكذلك ابن هشام في المغني ١ / ٢٨٤ وقد رد ذلك أستاذنا الدكتور عبد الله الحسيني هلال في كتابه الفعل المضارع في ضوء أساليب القرآن (١٢٩) فإنه قال : (وقد قرأت كتاب (الأنموذج) المطبوع ولم أجد فيه شيئا عن (لن) غير قول الزمخشري : و «لن» نظيرة «لا» في نفي المستقبل ولكن على التأكيد.
وهذا نص على إفادة (لن) التأكيد ، ولا إشارة فيه إلى إفادتها التأبيد ، وبذلك تكون أقوالهم غير مطابقة لما قاله الزمخشري).
(٥) عند قوله تعالى : «قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي» [الأعراف : ١٤٣] ، انظر اللباب ٤ / ٩٥.
(٦) في ب : ذباب وذباب. وهو تحريف.
(٧) في الأصل : على.
(٨) حكى سيبويه عن العرب (ذب) في جمع ذباب فهو مع هذا الإدغام على اللغة التميمية. انظر اللسان (ذبب).
(٩) المذبّة : هنة تسوى من هلب الفرس ، يذب بها الذباب. اللسان (ذبب).
(١٠) الكشاف ٣ / ٤٠. بتصرف.
(١١) في الأصل وهذه.
(١٢) في ب : المقضية.
(١٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٩٠.