(سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ)(١) «لصال الجحيم» (٢)(٣). قال المفسرون : والفلاح النجاة والبقاء. قال ابن عباس : قد سعد المصدقون بالتوحيد وبقوا في الجنة (٤). وتقدم الكلام في الإيمان في البقرة. قوله : (فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) الجار متعلق بما بعده ، وقدّم للاهتمام به ، وحسنه كون (٥) متعلقه فاصلة ، وكذا (٦) فيما بعده من أخواته ، وأضيف الصلاة إليهم ، لأنهم هم المنتفعون بها ، والمصلى له غنيّ عنها ، فلذلك أضيفت إليهم دونه (٧).
فصل
اختلفوا في الخشوع فمنهم من جعله من أفعال القلوب كالخوف والرهبة ، ومنهم من جعله من أفعال الجوارح كالسكون وترك الالتفات ومنهم من جمع بين الأمرين ، وهو الأولى (٨).
قال ابن عباس (٩) : مخبتون أذلاء. وقال الحسن وقتادة : خائفون. وقال مقاتل : متواضعون. وقال مجاهد : هو غض البصر وخفض الصوت ، والخشوع قريب من الخضوع إلا أنّ الخضوع في البدن ، والخشوع في القلب (١٠) والبصر والصوت قال تعالى : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ)(١١). وعن عليّ: هو أن لا يلتفت يمينا ولا شمالا. وقال سعيد بن جبير : هو أن لا يعرف من على يمينه ولا من على يساره (١٢). وقال عطاء : هو أن تعبث بشيء من جسدك ، لأن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أبصر رجلا يعبث بلحيته في الصلاة ، فقال : «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه» (١٣). وقال (١٤) ابن الخطيب : وهو (١٥) عندنا واجب ، ويدل عليه أمور :
أحدها : قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)(١٦). والتدبير لا يتصور بدون الوقوف على المعنى ، وقوله تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)(١٧) أي : قفوا على عجائبه ومعانيه.
__________________
(١) [العلق : ١٨].
(٢) من قوله تعالى : «ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ»[المطففين : ١٦].
(٣) الدر المصون ٥ / ٨٢ ـ ٨٣.
(٤) البغوي ٦ / ٣ ـ ٤.
(٥) في ب : كونه. وهو تحريف.
(٦) في ب : وكذلك.
(٧) انظر الكشاف ٣ / ٤٢.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٧٨.
(٩) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٦ / ٤
(١٠) في النسختين : البدن. والتصويب من البغوي.
(١١) من قوله تعالى :«وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً» [طه : ١٠٨].
(١٢) آخر ما نقله هنا عن الغبوي ٦ / ٤.
(١٣) أخرجه الحكيم الترمذي عن أبي هريرة. البغوي ٦ / ٥ ـ ٦ ، الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف (١١٥) والدر المنثور ٥ / ٧ ـ ٤.
(١٤) في الأصل : قال.
(١٥) في ب : فهو.
(١٦) [محمد : ٢٤].
(١٧) [المزمل : ٤].