بمذاكيرهم (١). قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ) قرأ ابن كثير هنا وفي سأل (٢) «لأمانتهم» (٣) بالتوحيد ، والباقون بالجمع (٤). وهما في المعنى واحد إذ المراد العموم (٥) والجمع أوفق.
والأمانة في الأصل مصدر ، ويطلق على الشيء المؤتمن عليه لقوله (٦) : (أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها)(٧).
(وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ)(٨) ، وإنما يؤدّى ويخان الأعيان لا المعاني ، كذا قال الزمخشري (٩).
أما ما ذكره من الآيتين فمسلم ، وأما هذه الآية فيحتمل المصدر ويحتمل العين ، والعهد ما عقده على نفسه فيما يقربه إلى الله ، ويقع أيضا على ما (١٠) أمر الله به كقوله : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا)(١١) ، والعقود التي عاقدوا الناس عليها يقومون بالوفاء بها. فالأمانات تكون بين الله وبين العبد كالصلاة ، والصيام ، والعبادات الواجبة وتكون بين العبيد كالودائع والبضائع (١٢) ، فعلى (١٣) العبد الوفاء بجميعها (١٤).
وقوله : «راعون» الراعي القائم (١٥) على الشيء يحفظه ويصلحه كراعي الغنم ، ومنه يقال : من راعي هذا الشيء؟ أي متوليه (١٦).
وقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ (١٧) يُحافِظُونَ) قرأ الأخوان (عَلى صَلاتِهِمْ) بالتوحيد ، والباقون «صلواتهم» بالجمع (١٨) ، وليس في المعارج (١٩) خلاف (٢٠).
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) من قوله تعالى : «وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ»[المعارج : ٣٢].
(٣) في النسختين : لأماناتهم.
(٤) السبعة (٤٤٤ ، ٦٥١) ، الحجة لابن خالويه (٢٥٥) ، الكشف ٢ / ١٢٥ ، النشر ٢ / ٣٢٨ ، الإتحاف (٣١٧).
(٥) فمن وحد فلأن المصدر يدل على القليل والكثير من جنسه ، ومن جمع فلأن المصدر إذا اختلفت أجناسه وأنواعه جمع ، والأمانة هنا مختلفة لأنها تشتمل على سائر العبادات وغيرها من المأمورات.
مشكل إعراب القرآن ٢ / ١٠٢ ـ ١٠٣ ، الكشف ٢ / ١٢٥ ، البيان ٢ / ١٨١ التبيان ٢ / ٩٥٠ ـ ٩٥١.
(٦) في ب : لقوله. وهو تحريف.
(٧) من قوله تعالى : «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها» [النساء : ٥٨].
(٨) من قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» [الأنفال : ٢٧].
(٩) انظر الكشاف ٣ / ٤٣.
(١٠) ما : سقط من ب.
(١١) من قوله تعالى : «الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ»[آل عمران : ١٨٣]. وانظر الفخر الرازي ٢٣ / ٨٢.
(١٢) في النسختين البضائع ، والصواب ما أثبته.
(١٣) في الأصل : وعلى.
(١٤) انظر البغوي ٦ / ٧ ـ ٨.
(١٥) القائم : سقط من ب.
(١٦) الفخر الرازي ٢٣ / ٨٢.
(١٧) في الأصل : صلاتهم.
(١٨) السبعة (٤٤٤) ، الحجة لابن خالويه (٢٥٥) ، النشر ٢ / ٣٢٨ ، الاتحاف ٣١٧.
(١٩) في قوله تعالى : «وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ» [المعارج : ٣٤].
(٢٠) أي في القراءة بالإفراد.