اللّباب في علوم الكتاب [ ج ١٤ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

والإفراد (١) والجمع كما تقدم في (أمانتهم) و (أماناتهم) (٢). قال الزمخشري : فإن قلت : كيف كرر ذكر الصلاة أولا وآخرا؟ قلت : هما ذكران مختلفان وليس بتكرير ، وصفوا أولا بالخشوع في صلاتهم ، وآخرا بالمحافظة عليها (٣). ثم قال : وأيضا فقد وحدت (٤) أولا ليفاد (٥) الخشوع في جنس الصلاة ، أي صلاة كانت (٦) ، وجمعت آخرا لتفاد المحافظة على أعدادها وهي الصلوات (٧) الخمس والوتر والسنن الراتبة (٨) ، وهذا إنما يتجه في قراءة غير الأخوين وأما (٩) الأخوان فإنهما أفردا أولا وآخرا على أنّ الزمخشري قد حكى الخلاف في جمع الصلاة الثانية وإفرادها بالنسبة إلى القراءة. وقيل : كرر ذكر الصلاة ليبين أنّ المحافظة عليها واجبة كما أن الخشوع فيها واجب (١٠).

ثم قال : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) «أولئك» أي : أهل هذه الصفة (هُمُ الْوارِثُونَ) فإن قيل (١١) : كيف سمى ما يجدونه من الثواب والجنة بالميراث؟ مع أنه سبحانه حكم بأنّ الجنة حقهم في قوله : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ)(١٢). فالجواب من وجوه :

الأول : روى أبو هريرة قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ما منكم من أحد إلّا وله منزلان منزل في الجنّة ومنزل في النار ، فإن مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله ، وذلك قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ)(١٣). وأيضا : فقد قال الفقهاء إنه لا فرق بين ما ملكه الميت وبين ما يقدر فيه الملك في أنه يورث عنه ، كذلك قالوا في الدية التي إنما تجب بالقتل إنها تورث مع أنه مالكها على التحقيق وهذا يؤيد ما (١٤) ذكر فإن قيل : إنه تعالى وصف كل الذي (١٥) يستحقونه إرثا ، وعلى ما قلتم إنما يدخل في الإرث ما كان يستحقه غيرهم (١٦) لو أطاع.

فالجواب : لا يمتنع أنه تعالى جعل ما هو (منزلة) (١٧) لهذا المؤمن بعينه منزلة لذلك الكافر لو أطاع لأنه عند ذلك كان يزيد في المنازل فإذا أمن هذا عدل بذلك إليه.

__________________

(١) في الأصل : «الإفراد» بدون واو العطف.

(٢) في الآية السابقة.

(٣) الكشاف ٣ / ٤٣.

(٤) في الأصل : وقد وحد أيضا.

(٥) في النسختين : ليعاد. والصواب ما أثبته.

(٦) في ب : أي كانت صلاة كانت. وهو تحريف.

(٧) في الأصل : الصلاة.

(٨) الكشاف ٣ / ٤٣ ـ ٤٤.

(٩) في ب : فأما.

(١٠) انظر البغوي ٦ / ٨.

(١١) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ٨٢ ـ ٨٣.

(١٢) [التوبة : ١١١].

(١٣) أخرجه ابن ماجه (زهد) ٢ / ١٤٥٣ ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٥ / ٦.

(١٤) في ب : مما.

(١٥) في الأصل : الذين.

(١٦) في الأصل : غيره. وهو تحريف.

(١٧) ما بين القوسين تكملة من الفخر الرازي.