اللّباب في علوم الكتاب [ ج ١٤ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في اللّباب في علوم الكتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

في قراءة العامة (١). و «ما» في (لِما تُوعَدُونَ) تحتمل المصدرية ، أي : لوعدكم ، وأن تكون بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، أي : توعدونه.

قوله : (إِنْ هِيَ) «هي» ضمير يفسره سياق الكلام ، أي : إن الحياة (٢) إلا حياتنا (٣).

وقال الزمخشري : هذا ضمير لا يعلم ما يراد به إلّا بما يتلوه من بيانه ، وأصله : إن الحياة (إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) ، فوضع «هي» موضع «الحياة» (٤) لأنّ الخبر يدل عليها ويبينها ، ومنه : هي النّفس تتحمل ما حمّلت ، وهي العرب تقول ما شاءت (٥). وقد جعل بعضهم هذا القسم مما يفسر بما بعده لفظا ورتبة ، ونسبه إلى الزمخشري متعلقا بما نقلناه عنه. قال شهاب الدين : ولا تعلق له في ذلك(٦).

قوله : (نَمُوتُ وَنَحْيا) جملة مفسرة لما ادّعوه من أنّ حياتهم ما هي إلا كذا. وزعم بعضهم أنّ فيها دليلا على عدم الترتيب في الواو (٧) ، إذ المعنى : نحيا ونموت إذ هو الواقع.

ولا دليل فيها لأنّ الظاهر من معناها يموت البعض منا ويحيا آخرون وهلم جرّا يسير إلى انقراض العصر ويخلف غيره مكانه. وقيل : نموت نحن ويحيا أبناؤنا.

وقيل : القوم كانوا يعتقدون الرجعة أي : نموت ثم نحيا بعد ذلك الموت.

فصل

اعلم أنّ القوم طعنوا (٨) في نبوّته بكونه بشرا يأكل ويشرب ، ثم جعلوا طاعته خسرانا : أي إنكم إن أعطيتموه الطاعة من غير أن يكون لكم بإزائها نفع ، فذلك هو الخسران ، ثم طعنوا في صحة الحشر والنشر ، فقالوا : (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) معادون أحياء للمجازاة ، ثم لم يقتصروا على هذا القدر حتى

__________________

(١) تقدم قريبا.

(٢) في النسختين : حالتكم.

(٣) في الأصل : كحياتنا.

(٤) في النسختين : حياتنا.

(٥) الشاهد في هذين القولين أن الضمير مبتدأ يفسر بالخبر ، وهو من المواضع التي يكون مفسر الضمير فيها مؤخرا ، وتقدم الحديث عن المواضع التي يعود فيها الضمير على متأخر لفظا ورتبة.

(٦) لأن الزمخشري أراد أن المثالين يمكن حملهما على ذلك ، لأنه متعين فيهما.

الدر المصون ٥ / ٨٨.

(٧) الواو العاطفة لمطلق الجمع ، أي : الاجتماع في الفعل من غير تقييد بحصوله من كليهما في زمان أو سبق أحدهما فقولك جاء زيد وعمرو. يحتمل على السواء أنهما جاءا معا ، أو زيد جاء أولا أو آخرا ، ومن ورودها في المصاحب قوله تعالى : «فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ»[العنكبوت : ١٥] وفي السابق قوله تعالى : «وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ» [الحديد : ٢٦] وفي المتأخر قوله تعالى : «كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ» [الشورى : ٣]. وقول السيرافي : إن النحويين واللغويين أجمعوا على أنها لا تفيد الترتيب. مردود ، بل قال بإفادتها إياه قطرب والربعي والفراء وثعلب وأبو عمر الزاهد وهشام والشافعي.

المغني ٢ / ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، الهمع ٢ / ١٢٨ ـ ١٢٩.

(٨) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ٩٩.