عمرو في (١) رواية «وربأت» بالهمز (٢) أي ارتفعت. يقال : ربأ بنفسه عن كذا ، أي : ارتفع عنه ، ومنه الربيئة ، وهو من يطلع على موضع عال لينظر للقوم ما يأتيهم ، وهو عين القوم ، ويقال له : ربيء أيضا (٣) قال الشاعر :
٣٧٤٩ ـ بعثنا ربيئا قبل ذلك مخملا |
|
كذئب الغضا يمشي الضّراء ويتّقي (٤) |
قوله : (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ). فيه وجهان :
أحدهما : أنه صفة للمفعول المحذوف ، تقديره : وأنبتت ألوانا أو (٥) أزواجا من كل زوج (٦).
والثاني : أن (من) زائدة ، أي أنبتت كل زوج ، وهذا ماش عند الكوفيين والأخفش (٧) والبهيج: الحسن الذي يسر (٨) ناظره ، وقد بهج بالضم بهاجة (٩) وبهجة أي حسن وأبهجني كذا أي : سرني بحسنه (١٠).
فصل
المعنى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً) يابسة لا نبات فيها ، (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ) المطر «اهتزّت» تحركت بالنبات ، والاهتزاز الحركة على سرور ، وربت أي : ارتفعت وزادت (١١) ، وذلك أن الأرض ترتفع وتنتفخ ، فذلك (١٢) تحركها. وقيل : فيه تقديم وتأخير معناه : ربت واهتزت (١٣). قال المبرد : أراد اهتزت وربا نباتها فحذف المضاف. والاهتزاز في النبات أظهر يقال : اهتز النبات ، أي : طال ، وإنما أنث لذكر الأرض (١٤).
(وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) وهذا مجاز (١٥) لأن الأرض لا تنبت وإنما المنبت هو الله تعالى ، لكنه يضاف إليها توسعا. ومعنى من كل نوع من أنواع النبات والبهجة : حسن
__________________
(١) في ب : من.
(٢) المختصر (٩٤). المحتسب ٢ / ٧٤ ، والبحر المحيط ٦ / ٣٥٣.
(٣) انظر التبيان ٢ / ٩٣٣.
(٤) البيت من بحر الطويل قاله امرؤ القيس. وهو في ديوانه (١٧٢) والقرطبي ١٢ / ١٤ ، والبحر المحيط ٦ / ٣٥٣. المخمل : الذي يخمل نفسه ، أي يسترها ويخفيها. الغضا : شجر ، والعرب تقول : أخبث الذئاب ذئب الغضا ، أي : ما كان منشأه ومأواه الغضا ، الضراء : الشجر الملتف في الوادي : يستر من دخل فيه ، وفلان يمشي الضراء : إذا مشى مستخفيا فيما يواري من الشجر.
(٥) في ب : و.
(٦) انظر التبيان ٢ / ٩٣٣.
(٧) في جواز زيادة «من» مطلقا ، أي : أنهم لا يشترطون في زيادتها كونها في سياق النفي ومجرورها نكرة.
انظر التبيان ٢ / ٩٣٣ ، شرح الكافية ٢ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣.
(٨) في ب : يس. وهو تحريف.
(٩) في ب : بهاجاة. وهو تحريف.
(١٠) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٤٦.
(١١) انظر البغوي ٥ / ٥٥٥.
(١٢) في الأصل : وذلك.
(١٣) في الأصل : معناه وربت أي ارتفعت وزادت.
(١٤) البغوي ٥ / ٥٥٥ ـ ٥٥٦.
(١٥) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ١٠.