والمراد بالكلمة : سؤاله الرجعة : كلمة هو قائلها ولا ينالها ، وقيل : معناه لا يخليها ولا يسكت عنها لاستيلاء الحسرة عليه (١).
قوله : (وَمِنْ وَرائِهِمْ) أي : أمامهم وبين أيديهم (٢). «برزخ» البرزخ : الحاجز بين المسافتين(٣) وقيل : الحجاب بين الشيئين أن يصل أحدهما إلى الآخر (٤) ، وهو بمعنى الأوّل.
وقال الراغب : أصلة برزه بالهاء فعرّب ، وهو في القيامة الحائل بين الإنسان وبين المنازل الرفيعة (٥) والبرزخ قبل البعث المنع بين الإنسان وبين الرجعة التي يتمناها.
قال مجاهد : حجاب بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا. (وقال قتادة : بقيّة الدنيا) (٦).
قال الضحاك : البرزخ ما بين الموت إلى البعث. وقيل : القبر وهم فيه إلى يوم يبعثون (٧).
قوله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤) أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ)(١٠٥)
قوله : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) الآية لمّا قال : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ذكر أحوال ذلك اليوم فقال : (فَإِذا (٨) نُفِخَ فِي الصُّورِ)(٩) وقرأ العامة بضم الصاد وسكون الواو ، وهو آلة إذا نفخ فيها ظهر صوت عظيم جعله الله علامة لخراب الدنيا ولإعادة الأموات ، قال عليهالسلام (١٠) : «إنّه قرن ينفخ فيه» (١١)(١٢). وقرأ ابن عباس والحسن : بفتح الواو (١٣) جمع صورة. والمعنى : فإذا نفخ في الصور أرواحها (١٤) وقرأ أبو رزين (١٥) : بكسر الصاد وفتح الواو (١٦) ، وهو (١٧) شاذ (١٨). وهذا عكس (لحى) بضم اللام جمع (لحية) بكسرها (١٩). وقيل : إنّ النفخ في الصور استعارة ، والمراد منه البعث والحشر.
__________________
(١) انظر الكشاف ٣ / ٥٥ ، الفخر الرازي ٢٣ / ١٢٢.
(٢) انظر القرطبي ١٢ / ١٥٠.
(٣) في النسختين : المتنافيين.
(٤) انظر البحر المحيط ٦ / ٤١٦ ـ ٤١٧.
(٥) المفردات في غريب القرآن (٤٣).
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) انظر البغوي ٦ / ٤٠.
(٨) في ب : وإذا. وهو تحريف.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٢٢.
(١٠) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١١) أخرجه الترمذي (قيامة) ٤ / ٤١ ، الدارمي (رقاق) ٢ / ٣٢٥ ، أحمد ٢ / ١٦٢ ، ١٩٢.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٢٢.
(١٣) المختصر (٩٨) البحر المحيط ٦ / ٤٢١.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٢٢.
(١٥) هو مسعود بن مالك ، أبو رزين الكوفي ، وردت عنه الرواية في حروف القرآن ، روى عن ابن مسعود ، وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ روى عنه الأعمش ، طبقات القراء ٢ / ٢٩٦.
(١٦) المختصر (٩٨) ، البحر المحيط ٦ / ٤٢١.
(١٧) في ب : وهذا.
(١٨) لأن جمع (فعلة) بضم الفاء على (فعل) بكسر الفاء شاذ.
(١٩) لأن جمع (فعلة) بكسر الفاء على (فعل) بكسر الفاء شاذ. وقياس جمع (فعلة) بضم الفاء على (فعل) ـ