فصل
إذا ثبت الزنا بإقراره فمتى رجع ترك ، وقع به بعض الحد أو لم يقع (به (١)) (٢) ، لأنّ ماعزا لما مسته الحجارة هرب ، فقال عليهالسلام (٣) : «هلّا تركتموه» (٤).
وقيل : لا يقبل رجوعه (٥).
ويحفر للمرأة إلى صدرها ، ولا يحفر للرجل (٦) ، وإذا مات في الحدّ غسل وكفّن وصلّي عليه ودفن في مقابر المسلمين (٧).
قوله : (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) معناه : أن المؤمن لا تأخذه الرأفة إذا جاء أمر الله.
قوله : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما) أي : وليحضر «عذابهما» : حدهما إذا أقيم عليهما «طائفة» نفر من المؤمنين. قال النخعي ومجاهد : أقله رجل واحد ، لقوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا)(٨). وقال عطاء وعكرمة : اثنان ، لقوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ)(٩) وكل ثلاثة فرقة ، والخارج عن الثلاثة واحد أو (١٠) اثنان ، والاحتياط يوجب الأخذ بالأكثر. وقال الزهري وقتادة : ثلاثة فصاعدا ، لأن الطائفة هي الفرقة التي تكون حافة حول الشيء ، وهذه الصورة أقل ما لا بد في حصولها الثلاثة.
وقال ابن عباس : «إنّها أربعة ، عدد شهود الزنا» ، وهو قول مالك وابن زيد.
وقال الحسن البصري : عشرة ، لأنها العدد الكامل (١١).
واعلم أن قوله : «وليشهد» أمر ، وظاهره (١٢) للوجوب ، لكن الفقهاء قالوا : يستحب حضور الجمع ، والمقصود منه (١٣) : إعلان إقامة الحد لما فيه من الردع ودفع التهمة.
وقيل : أراد بالطائفة : الشهود يجب حضورهم ليعلم بقاؤهم على الشهادة (١٤).
وقال الشافعي ومالك : يجوز للإمام أن يحضر رجمه وأن لا يحضر ، وكذا الشهود لا يلزمهم الحضور. وقال أبو حنيفة : «إن ثبت بالبينة وجب على الشهود أن يبدؤوا بالرمي ، ثم الإمام ، ثم الناس ، وإن ثبت بالإقرار بدأ الإمام ثم الناس».
__________________
(١) وبه قال أبو حنيفة ـ رحمهالله ـ ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق. الفخر الرازي ٢٣ / ١٤٨.
(٢) ما بين القوسين سقط من ب.
(٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٤) أخرجه الترمذي (حدود) ٢ / ٤٥٠.
(٥) وهو قول الحسن ، وابن أبي ليلى ، وداود. الفخر الرازي ٢٣ / ١٤٨.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٤٨.
(٧) المرجع السابق.
(٨) [الحجرات : ٩].
(٩) [التوبة : ١٢٢].
(١٠) في ب : و.
(١١) انظر هذه الأقوال في الفخر الرازي ٢٣ / ١٥٠.
(١٢) في ب : وظاهر.
(١٣) في الأصل : من.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٥٠.